فإذا أثبت المثبت انه ليس كمثله شيء وجماع ذلك أنه ليس بجوهر ولا عرض فقد انتفى التشبيه لأنه لو كان جوهرا أو عرضا لجاز عليه ما يجوز على سائر الجواهر والأعراض وإذا لم يكن جوهرا ولا عرضا لم يجز عليه ما يجوز على الجواهر من حيث إنها جواهر كالتأليف والتجسيم شغل الأمكنة والحركة والسكون ولا ما يجوز على الأعراض من حيث انها أعراض كالحدوث وعدم البقاء وأما البراءة من التعطيل بإثبات أنه مبدع كل شيء سواه فلان قوما من الأوائل خالفوا المعطلة ثم خذلوا عن بلوغ الحق فقالوا إن الباري موجود غير أنه علة لسائر الموجودات وسبب لها بمعنى أن وجوده اقتضى وجودها شيئا فشيئا على ترتيب لهم يذكرونه وأن المعلول إذا كان لا يفارق العلة فواجب إذا كان الباري لم يزل أن يكون مادة هذا العالم لم تزل معه فمن أثبت أنه المبدع الموجد المحدث لكل ما سواه من جوهر وعرض باختياره وإرادته المخترع لها لا من أصل فقد انتفى عن قوله التعليل الذي هو في وجوب اسم الكفر لقائله كالتعطيل وأما البراءة من الشريك في التدبير بإثبات انه لا مدبر لشيء من الموجودات إلا الله فلأن قوما زعموا أن الملائكة تدبر العالم وسموها آلهة وقد قال الله تعالى للملائكة فالمدبرات أمرا ومعنى المدبرات المنفذات لما دبر الله على أيديها كما يقال لمن ينفذ حكم الله بين الخصوم حاكم وزعم قوم أن الكواكب تدبر ما تحتها وأن كل كائنة وحادثة في الأرض فإنما هي من آثار حركات الكواكب وافتراقها واقترانها واتصالها وانفصالها وغير ذلك من أحوالها فمن أثبت أن الله عز وجل هو المدبر لما أبدع ولا مدبر سواه فقد انتفى عن قوله التشريك في التدبير الذي هو في وجوب اسم الكفر لقائله كالتشريك في القدم أو في الخلق