responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه نویسنده : عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي    جلد : 1  صفحه : 122


وروى إسماعيل بن أبي خالد الطائي قال : العرش ياقوتة حمراء .
قلت : وجميع السلف على إمرار هذه الآية كما جاءت من غير تفسير ولا تأويل ( 52 ) .
قال عبد الله بن وهب : كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال :
يا أبا عبد الله ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟ فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ولا يقال له كيف ، وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعة فأخرجوه فأخرج .


( 52 ) ذكر الحافظ أبو حيان رحمه الله تعالى في تفسيره " النهر الماد " ( 1 / 254 ) المطبوع في ثلاثة مجلدات مستقلة عند تفسير قوله تعالى : ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) أن ابن تيمية قال في رسالة له كما قرأها الحافظ أبو حيان وهي بخط ابن تيمية معاصره : " إن الله يجلس على العرش وقد أخلى مكانا يقعد فيه معه رسول الله صلى الله عليه وسلم " عياذا بالله تعالى وهذا الكلام محذوف من الطبعة التي بهامش " البحر المحيط " لأن مصححه بدار السعادة حذفها لاستشناعها وطلب من الإمام المحدث الكوثري والإمام المحدث سيدي عبد الله بن الصديق الغماري أن يسجلا ذلك عليه عندما راجعاه وقد نبها على ذلك في بعض كتبهما . وكلام ابن تيمية هذا ثابت في كتاب تلميذه ابن القيم " بدائع الفوائد " ( 4 / 39 ) ونقله عن بعض السلف وهو مردود على قائله لو ثبت عنه ، كما نقله عن الدارقطني في أبيات ذكرها هنالك ولا تصح نسبتها للدارقطني لأن في سندها إليه كذابان حنبليان مجسمان وهما ابن كادش والعشاري وكان على ابن القيم لو كان يعرف الجرح والتعديل والرجال أن يرد تلك الأبيات ويبين أنها منحولة زورا على الدارقطني لكنه إما أنه لا يعلم ذلك وإما أنه تغاضى عنه وأحلاهما مر . وأعود فأقول : لقد ثبت تأويل الاستواء عن السلف ، ففي تفسير الحافظ ابن جرير السلفي ( 1 / 192 ) تأويل الاستواء بعلو الملك والسلطان وهو تأويل مقبول ، وفي البخاري تأويل أبي العالية الاستواء بالارتفاع فإن كان يريد ارتفاع الربوبية على رتبة العبودية بعلو الملك والسلطان والقهر والعظمة كما يقول الحافظ ابن جرير السلفي فتأويل مقبول لا ترفضه قواعد الشريعة ولا لغة العرب ، وأما إن كان مراده ارتفاع الذات المتخيلة فهو تأويل مردود ، وما أظن أن أبا العالية أراد ذلك ولا قصده . ونحن نقول : معنى ( الرحمن على العرش استوى ) أي : الرحمن صاحب الملك والإرادة والقهر في هذا العالم من عرشه إلى فرشه ، وذكر العرش هنا دون غيره لأنه أعظم المخلوقات وأكبرها فإذا كان مستو عليه بالقهر والربوبية اقتضى أنه مستو على كافة خلقه بهذا المعنى من باب أولى ، فالاستواء عندنا هنا هو الاستيلاء والقهر أو تفويض معناه إلى الله وتنزيهه عن كل ما يخطر في الذهن وعن ما تزعمه المجسمة كالحراني وأضرابه من القعود والأربع أصابع ، وهذا الذي تقتضيه لغة العرب مع نصوص الكتاب والسنة ، أما لغة العرب : ففي " مفردات " الراغب في مادة ( سوا ) ص ( 251 ) " الاستواء - متى عدي بعلى اقتضى معنى الاستيلاء كقوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) " ، وأما في الكتاب الكريم : فقوله - تعالى : ( وهو القاهر فوق عباده ) فبين أن فوقيته واستواءه بالقهر لا بالمكان ، وأما السنة : فثبت في صحيح مسلم ( 4 / 61 ) وغيره : " اللهم أنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ " قال الحافظ البيهقي في " الأسماء والصفات " ( 400 ) : " استدل بعض أصحابنا بهذا الحديث على نفي المكان عن الله تعالى ، فإذا لم يكن فوقه شئ ولا دونه - أي تحته - شئ لم يكن في مكان ، ا ه‌ وما بين الشرطتين من توضيحي ، وكل هذه النصوص تنفي وتبطل لفظة " بذاته " التي يوردها بعض المجسمة في قولهم : " الله على عرشه استوى بذاته " ! ! وتثبت معنى الاستيلاء والقهر والعلو المعنوي كما قدمنا ، وقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح ( 6 / 136 ) أيضا : " ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله أن لا يوصف بالعلو ، لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى ، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس " ا ه‌ وقد ذكر الحافظ في الفتح ( 1 / 508 ) عند شرح حديث : " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه أو إن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته . . . " الحديث قال ابن حجر : " وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته " . فإن قال قائل : " إن قولكم : معنى استوى قهر واستولى وملك يقتضي المغالبة ، أي أنه لم يكن قاهرا للعرش ثم غلب على الأمر فقهر واستولى أليس كذلك ؟ " ! ! قلنا : لا وإنما هذا خيال فاسد وتصور باطل قام بذهنك وسمعته أو قرأته من بعض كتب المجسمة فظننته حقا ، وهذا الخيال والتصور باطل بصريح العقل والنقل ونحن نضرب لك مثالا لبيان بطلانه حتى تتحقق من ذلك فنقول لك : ألم تعلم أن الله تعالى يخبرنا عن يوم القيامة فيقول لنا في كتابه العزيز : ( لمن الملك اليوم ؟ ! ) فنقول لك : هل كان الملك قبل ذلك اليوم لغير الله تعالى ؟ ! ! الجواب : لا قطعا . إذن لم يلزم من قول الله تعالى : ( لمن الملك اليوم ) أن الملك قبل ذلك اليوم كان لغيره سبحانه ، وكذلك قولنا : استوى معناه : قهر واستولى ، ولا يلزم منه أنه لم يكن مستوليا أو قاهرا قبل ذلك والله الموفق والهادي للصواب . ونستأنس فنقول لقد وردت أقوال عن الصحابة وأبي الحسن الأشعري تؤيد ما ذهبنا إليه ودللنا عليه وتعضده منها : ما روى الإمام الربيع بن حبيب الأزدي البصري في " جامعه الصحيح " وهو كتاب محفوظ منقول بالاعتناء عند أهل مذهبه ككتب الفقه المنقولة عن الأئمة المقتدى بهم ففيه ( 3 / 35 ) ما نصه : وأخبرنا أبو ربيعة زيد بن عوف العامري البصري قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي عثمان النهدي إن أبا موسى الأشعري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر لما دنونا من المدينة كبر الناس ورفعوا أصواتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم " ثم قال صلى الله عليه وسلم : " يا أبا موسى هل أدلك على كنز من كنوز الجنة " قال قلت وما هو يا رسول الله قال " لا حول ولا قوة إلا بالله " قال جابر ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم عندنا " إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم " وذلك أن الله تعالى يقول : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ) وقال ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) والتشبيه والتحديد لا يكون إلا لمخلوق لأن المخلوق إذا قرب من موضع تباعد من غيره وإذا كان في مكان عدم من غيره لأن التحديد يستوجب الزوال والانتقال والله تعالى عز عن ذلك . قال جابر بن زيد حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يوشك الشرك أن ينتقل من ربع إلى ربع ومن قبيلة إلى قبيلة " قيل يا رسول الله وما ذلك الشرك قال " قوم يأتون بعدكم يحدون الله حدا بالصفة " . قال جابر بن زيد سئل ابن عباس عن قوله تعالى ( الرحمن على العرش أستوى ) فقال ارتفع ذكره وثناؤه على خلقه لا على ما قال المنددون أن له أشباها وأندادا تعالى الله عن ذلك . قال وحدثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر إنه سئل عن الصخرة التي كانت في بيت المقدس فقال له إن ناسا يقولون فذكر قولهم سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا فارتعد ابن عمر فرقا وشفقا حين وصفوه بالحدود والانتقال فقال ابن عمر إن الله أعظم وأجل أن يوصف بصفات المخلوقين هذا كلام اليهود أعداء الله إنما يقولون ( الرحمن على العرش أستوى ) أي استوى أمره وقدرته فوق بريته . قال ليث قال محمد بن الحنفية : قاتل الله أهل الشام ما أكفرهم أو قال ما أضلهم يقولون وضع الله قدمه على صخرة بيت المقدس وقد وضع عبد من عباده يعني إبراهيم عليه السلام قدمه على حجر فجعله قبلة للناس تكذيبا لقولهم وردا لباطلهم وقال الحسن ارتفع ذكره وثناؤه ومجده على خلقه ولا يوصف الله تبارك وتعالى بزوال من مكان إلى مكان . قال : وسئل هشيم عن ذلك وقال كان أصحابنا يقولون قهر العرش . وقال الحسن في قوله ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان ) أي استوى أمره وقدرته إلى السماء وقوله ( ثم أستوى على العرش ) يعني استوى أمره وقدرته ولطفه فوق خلقه ولا يوصف الله بصفات الخلق ولا يقع عليه الوصف كما يقع على الخلق . وكان عبد الله بن مسعود وعائشة وابن عمر وابن الحنفية وعروة بن الزبير ينكرون ما يقول أهل الشام في الصخرة وينهون عنه ويشددون فيه . ا ه‌ . ومنها : ما في كتاب " الإبانة " لأبي الحسن الأشعري وهو من أول مؤلفاته خلافا لما تزعمه المجسمة أنه آخر مؤلفاته في النسخة المحققة على أربع نسخ خطية ما نصه : " وأن الله تعالى استوى على العرش على الوجه الذي قاله ، وبالمعنى الذي أراده ، استواء منزها عن المماسة والاستقرار ، والتمكن والحلول والانتقال ، لا يحمله العرش ، بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ومقهورون في قبضته ، وهو فوق العرش وفوق كل شئ إلى تخوم الثرى ، فوقية لا تزيده قربا إلى العرش والسماء ، بل هو رفيع الدرجات عن العرش ، كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى ، وهو مع ذلك قريب من كل موجود ، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد ، وهو على كل شئ شهيد " انتهى كلام أبي الحسن الأشعري من " الإبانة " . وهذا النص من الإبانة ليس موجودا في النسخ المطبوعة المتداولة بأيدي الناس ، وأنما هو ثابت في مخطوطة نسخة بلدية الإسكندرية وهو منقول ثابت في النسخة المطبوعة التي حققتها الدكتورة فوقية حسين محمود طبع دار الأنصار بالقاهرة الطبعة الأولى 1397 ه‌ فتنبه . وينبغي التنبيه أيضا ههنا على : أن كتاب " الإبانة " يعتبر من الكتب الهادمة لعقائد المجسمة والمشبهة ، ويدل على ذلك أشياء كثيرة فيه موجودة ومسطرة حتى في جميع النسخ المتداولة المطبوعة التي بأيدي الناس ونذكر بعضها فنقول : ذكر أبو الحسن الأشعري في مقدمة الإبانة ما نصه : " ليست له صورة تقال ولا حد يضرب له مثال " ا ه‌ وهذا يهدم ما تزعمه المجسمة من أن لله تعالى صورة وحد ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، وفي كتابنا ( إلقام الحجر ) ص ( 17 - 20 ) ذكر باقي المسائل ببعض توسع فليراجعها من شاء . وأما رد الإمام أبي الحسن الأشعري تفسير الاستواء بالاستيلاء فنحن لا نوافقه في ذلك أبدا ، ونقول إنه قال ذلك : بسبب ردة فعل حصلت عنده من المعتزلة ، وهم وإن لم نوافقهم في كثير من مسائلهم إلا أننا هنا نوافقهم ونعتقد أنهم مصيبون في هذه المسألة ، لما دللنا عليه وأوضحناه . وهنا أمر مهم جدا وهو : أننا لا نقول بأن الله تعالى موجود في كل مكان البتة بل نكفر من يقول ذلك ونعتقد أن الله سبحانه موجود بلا مكان ، لأنه خالق المكان .

نام کتاب : دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه نویسنده : عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي    جلد : 1  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست