إذا فليس على من تجنب بحديثه هذه المجالس إن كان من هذا الصنف عيب أو سبة ، فإن تجنب سوء القالة أمر مشروع والابتعاد عن مواقف التهم محبوب في الدين . ولهذا لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم طلب قتل من استحق القتل قائلا ( لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) . وقال عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها ( لولا قومك حديثوا عهد بجاهلية لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم ) . فلم يبنها على قواعد إبراهيم لذلك . ولهؤلاء المتسترين أسوة حسنة بالصحابة والتابعين ، فقد كان زيد بن أرقم يمتحن من يسأله ، فقد أخرج الإمام أحمد في سنده عنه أنه قد سأله رجل من أهل العراق عن حديث غدير خم فامتنع عن إجابته وقال : إنكم يا أهل العراق فيكم ما فيكم ، فقال ليس عليك مني بأس فأجابه . وهذا أبو هريرة يحدث بجرابين من العلم ويترك آخر ويقول : لو بثثته لقطع مني هذا البلعوم ، كما جاء في صحيح البخاري . فهذا الصحابي المشهور أخفى جرابا من العلم لم يحدث به . وكان سعيد بن جبير يتوقف في إجابة من يسأله في مناقب أهل البيت خوفا على نفسه من ولاة السوء . فقد أخرج الحاكم من طريق مالك بن دينار قال : سألت سعيد بن جبير فقلت : يا أبا عبد الله من كان حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم قال فنظر