قد يقال : إن هؤلاء إنما تستروا برواية فضائل علي رضي الله عنه لئلا ينكشف زيفها ويظهر كذبها على يد حفاظ السنة اليقظين . والجواب : إن الذين يقولون هذا القول هم فريق من المتطرفين ، يسمون أنفسهم بالمتصلبين في السنة ، ومن تأثر بسمومهم ، وهي دسيسة دخيلة على أهل السنة ، وقد استحوذوا على الجمهور ممن ليسوا على عقيدتهم في بغض علي وآله ، فراجت عليهم أقوالهم في رد مناقبهم دون غيرهم من الصحابة ، تحت تأثير قاعدة أن تركها وردها إرغام للروافض وقوة لأهل السنة ، وبذلك هاجموا كثيرا من أهل السنة المعتدلين كالامام الشافعي وابن جرير ، والحاكم صاحب المستدرك ، وعبد الرزاق ، وجماعة من المتأخرين ، علاوة على كثير من المتقدمين من شيعة الإمام علي عليه السلام الذين كانوا يناصرونه في عهده من الداعين إلى الجنة على أساس قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية . . . الحديث ) . ومن كان يعد عصره من المعتدلين الذين لم يعرف عنهم إلا التشيع لعلي وحبه سموهم شيعة وروافض تعنتا وعدوانا ، وردوا رواياتهم في مناقب علي والعترة ، بحجة أن هذه المناقب قوة للشيعة ولا يرويها إلا شيعي أو رافضي . وقد راجت هذه الدسيسة واستغلت لضرب كل هذه المناقب ، أما إذا خرجت رواية المنقبة والفضيلة عن سيطرتهم وشاعت ولم تبق لهم حيلة لدفعها فتراهم يقرون بها ويعملون الحيلة في تأويلها كما يشهد بذلك كلام ابن قتيبة السابق .