وروى الطبراني وغيره ورواته محتج بهم في الصحيح مرفوعا : " " لو كان الحياء رجلا لكان رجلا صالحا " " . وروى مالك وابن ماجة مرفوعا : " " إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء " " . وروى ابن ماجة والترمذي مرفوعا : " " وما كان الحياء في شئ إلا زانه " " . وروى الحاكم وغيره وقال صحيح على شرط الشيخين مرفوعا : " " الحياء والإيمان قرناء جميعا ، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر " " . وروى أبو الشيخ : " " الحياء شعبة من الإيمان ، ولا إيمان لم لا حياء فيه " " . وروى الترمذي والطبراني موقوفا ومرفوعا : " " استحيوا من الله حق الحياء ، قالوا : يا نبي الله إنا لنستحيي والحمد لله ، قال : ليس ذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، وتحفظ البطن وما حوى ، وتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " " . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نحسن خلقنا مع الناس ما استطعنا ، ونرغب جميع إخواننا في ذلك . ويحتاج العامل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ ناصح حتى تلطف كثائفه ويخرجه من درجات الجفاء إلى درجات حسن الخلق ، ومن لم يسلك على يد شيخ لازمه غالبا سوء الخلق إلا أن تحفه العناية من الأزل ، فمثل هذا لا يحتاج إلى شيخ في ذلك إن شاء الله . وقد بلغنا أن الإمام الشافعي رضي الله عنه كان مشهورا بحسن الخلق ، فعمل الحسدة على إغضابه ، فلم يقدروا فبرطلوا الخياط مرة أن يعمل له الكم اليمين ضيقا جدا لا يخرج يده منه إلا بعسر ويعمل اليسار كالخرج ، فلما رآه الإمام قال له : جزاك الله خيرا ، الذي ضيقت كمي اليمين لأجل الكتابة ولم تحوجني إلى تشميره ، ووسعت اليسار لأحمل فيه الكتب ، مع أنه كان يقول رضي الله عنه : من استغضب فلم يغضب فهو حمار ، من استرضى فلم يرضى فهو شيطان ، فيحمل قوله هذا على غضبه لله تعالى ، ويحمل عدم غضبه على غضبه لحظ نفسه ، فالكمل على الأخلاق الإلهية والله تعالى يغضب لغيره ولا يغضب لنفسه ، فلو انتقم تعالى لنفسه لأهلك الخلق كلهم في لمحة فافهم .