وبلغنا أن سيدي إبراهيم بن أدهم مد رجله ليلة في الظلام ، فسمع قائلا يقول : يا إبراهيم ما هكذا تجالس الملوك ، فضم رجله ولم يمدها إلى أن مات رحمه الله . وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول : من استحيى من الله استحيا الله منه يوم القيامة أن يؤاخذه ، ومن غضب إذا انتهكت حرمات الله غضب الله إذا انتهكت له حرمته كذلك ، ومن لم يستح من الله لم يستح الله من عذابه ، ومن لم يغضب لله تعالى لا يغضب الله لأجله وهكذا ، فمجازاته تعالى كالفرع في هذه الأمور وإن كان الأصل منه كما قال : * ( فاذكروني أذكركم ) * وكما قال : * ( إن تنصروا الله ينصركم ) * . وسألت شيخ الإسلام زكريا رحمه الله عن الفرق بين الحياء الشرعي والحياء الطبيعي فقال : الفرق بينهما هو أن الحياء الشرعي يكون فيما أمر به الشارع أو نهى عنه فيستحيي من الله أن يترك مأمورا أو يقع في منهي ، والحياء الطبيعي يكون فيما سكت عنه الشارع من الأمور العادية ، كأن يستحيي أن يخرج بعمامة لا تليق به أو يخرج إلى السوق بغير رداء على كتفه ونحو ذلك . ومن الفرق أيضا أن يكون تقبيحه للأمور تبعا للشارع لا بحكم الطبع كما يقع فيه غالب الناس فيقع في الغيبة والنميمة ، ولا يستقبح ذلك ، ويستقبح أكل الشئ المخدر أو شرب القهوة أو الجلوس على دكان حشاش ، مع أن ذلك أخف من إثم الغيبة والنميمة بيقين ، ولو أنه مشى على الحياء الشرعي لاستقبح ما قبحه الشارع أكثر مما قبحه الطبع . فاعلم ذلك واعمل عليه والله يتولى هداك . روى الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة مرفوعا : " " الحياء من الإيمان " " . وفي رواية للشيخين مرفوعا : " " الحياء لا يأتي إلا بخير " " . وفي رواية لمسلم : " " الحياء خير كله " " . وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " الحياء شعبة من الإيمان ، والإيمان في الجنة " " . وفي رواية للترمذي : " " الحياء والعي شعبتان من الإيمان " " والعي قلة الكلام . وروى الطبراني وأبو الشيخ : " " أنهم قالوا يا رسول الله الحياء من الدين ؟ فقال صلى الله عليه وسلم بل هو الدين كله " " .