فأوجب الغسل على زوجته أو أمته واغتسل ، ومن قال غسل يعني بالتخفيف أراد غسل رأسه واغتسل فغسل سائر الجسد كما في الحديث الصحيح مرفوعا : " " اغتسلوا يوم الجمعة ، واغسلوا رؤوسكم ، وإن لم تكونوا جنبا " " الحديث . والله أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نستعد لساعة الإجابة التي في يوم الجمعة ونقلل الأكل والشرب ، ونمنع اللهو واللغو والغفلة والذي أعطاه الكشف أن الساعة نحو خمس درج ، فينبغي أن لا يغفل العبد إلا بمقدار نحو درجتين ليبقى له من الساعة نحو ثلاث درج الدعاء والتوجه إلى الله تعالى ، وهذه الساعة مبهمة في اليوم كليلة القدر في ليالي رمضان ، وتنتقل بيقين كما يؤيده الأحاديث والأخبار التي تأتي آخر العهد وكما أعطاه الكشف ، فتارة تكون في بكرة النهار وتارة تكون في آخر النهار ، وتارة تكون بعد الزوال إلى أن تنقضي الصلاة وهو الأغلب . وبالجملة أهل الحجاب ، ومحبة الدنيا في غفلة عن مثل هذا المشهد ، لا سيما طائفة المجادلين ، ومن يعبد الله على جهل ، وإنما خصصنا معظم الخير الذي يرجى في ساعة الإجابة بمن يشعر بها تحصيلا للقيام بآداب العبودية الظاهرة ، وإلا فقد ورد : " " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين " " . فافهم ، وإن كان ولا بدلك من الاشتغال بذكر أو قرآن فينبغي ذلك بحضور مع الله تعالى ، لا كما عليه الطائفة الذين يعبدون الله وقلبهم غافل عن الله تعالى فيفوتهم الحضور الذي هو قوت الأرواح ، وربما اشتغل أحدهم بالقرآن أو الذكر ومرت عليه الساعة ولم يشعر بها . فاعمل يا أخي على جلاء مرآة قلبك لتدرك ساعة الإجابة التي لا يرد فيها سائل لوسع الكرم الإلهي فيها ، ولا تطلب معرفتها بلا جلاء فإن ذلك لا يكون وكم من نفحات للحق في الليل والنهار والناس في غفلة عنها . وقال أخبرني شيخنا عن الشيخ أحمد بن المؤذن بناحية منية أبي عبد الله أنه جلس مراقبا الله تعالى لمدة أربعين سنة لا يضع جنبه الأرض ، وكان أولياء عصره يقولون : ما ترك هذا قطرة مدد تنزل من السماء في ليل أو نهار إلا وله فيها حظ ونصيب .