responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرحلة في طلب الحديث نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 1  صفحه : 48


بين الأمرين ، ودين الله بين المغالي فيه والمقصر عنه ، والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ، ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله ، وإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين هو إثبات وجود لا إثبات كيفية ، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف .
فإذا قلنا : لله يد وسمع وبصر ، فإنما هي صفات أثبتها الله تعالى لنفسه . ولا نقول إن معنى اليد القدرة ، ولا إن معنى السمع والبصر العلم . ولا نقول : إنها جوارح ، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع التي هي جوارح وأدوات للفعل ، ونقول وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تعالى : " ليس كمثله شئ " ، " ولم يكن له كفوا أحد " انتهى كلام الخطيب رحمه الله .
لقد اجتاز الإمام الخطيب عقبة زلت فيها أقلام وأوهام حيث رد على المعتزلة وأشباههم من نفاة الصفات ، ثم فهم مذهب السلف على حقيقته فأثبت تلك الصفات إثباتا يفوض علم حقيقتها إلى الله تعالى ، لا إثبات تحديد وتكييف ، فقرر بذلك مذهب السلف على حقيقته ، لا كما يفهمه الغالطون في هذا العصر من المماحكين المكابرين الذين لم يستطيعوا التمييز بين تفويض السلف العلم بحقيقة هذه الأمور إلى الله ، وبين تنزيههم الحق عما توهم الألفاظ من التشبيه وبين تشبيه الكرامية المشبهين الجاهلين .
ومن قبل صرح الامام الترمذي بهذا في حديث أبي هريرة الذي أخرجه في جامعه [1] قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تصدق أحد بصدقة من طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه ، وإن كانت تمرة تربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله " .



[1] في الزكاة ( فضل الصدقة ) ج 1 ص 128 - 129 ، طبع بولاق ، وانظر كتابنا " الامام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين " ص 224 - 225 .

نام کتاب : الرحلة في طلب الحديث نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 1  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست