وكذلك ، تفاوت عذاب عصاة الموحدين في النار ، بحسب أعمالهم ، فليس عقوبة أهل الكبائر ، كعقوبة أصحاب الصغائر ، وقد يخفف عن بعضهم العذاب ، بحسنات أخر له ، أو بما شاء الله من الأسباب ، ولهذا يموت بعضهم في النار ، كما سيأتي ذكره في ما بعد ، إن شاء الله تعالى .
وأما الكفار ، إذا كان لهم حسنات في الدنيا ، من العدل والإحسان إلى الخلق ، فهل يخفف عنهم بذلك من العذاب في النار أو لا ؟ .
هذا فيه قولان للسلف وغيرهم : أحدهما : أنه يخفف عنهم بذلك أيضا ، وروى ابن لهيعة ، عن عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، معنى هذا القول ، واختاره ابن جرير الطبري وغيره .
وروى الأسود بن شيبان ، عن أبي نوفل ، قال : قالت عائشة : يا رسول الله ، أين عبد الله بن جدعان ؟ قال : " في النار " ، فجزعت عائشة ، واشتد عليها ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ، قال : " يا عائشة ، ما يشتد عليك من هذا ؟ " قالت بأبى أنت وأمي يا رسول الله ! ! إنه كان يطعم الطعام ويصل الرحم ، قال : " إنه يهون عليه بما قلت " خرجه الخرائطي في " كتاب مكارم الأخلاق " وهو مرسل .
وروى عامر بن مدرك الحارثي ، عن عتبة بن اليقظان ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " ما أحسن من محسن ، كافر أو مسلم ، إلا أثابه الله عز وجل في عاجل الدنيا ، أو ادخر له في الآخرة " . قلنا : يا رسول الله ما إثابة الكافر في الدنيا ؟ قال : إن كان قد وصل رحما ، أو تصدق بصدقة ، أو عمل حسنة ، أثابه الله المال والولد والصحة وأشباه ذلك " قلنا : فما إثابة الكافر في الآخرة ؟ قال : " عذابا دون العذاب " ، ثم تلا :