بعد هذا الضريع ، قال : فما زال يبكي وتبكي ، حتى قام ولم يأكل شيئا .
وبإسناده ، عن سوار بن عبد الله القريعي ، قال : كنا مع عمر بن درهم في بعض السواحل ، قال : وكان لا يأكل إلا من السحر إلى السحر ، فجئنا بطعام ، فلما رفع الطعام إلى فيه ، سمع بعض المتهجدين يقرأ هذه الآية :
( إن شجرت الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم ) [ الدخان : 43 - 46 ] .
فغشي عليه ، وسقطت اللقمة من يده ، فلم يفق إلا بعد طلوع الفجر ، فمكث بذلك سبعا ، لا يطعم شيئا ، كلما قرب إليه طعام ، عرضت له الآية ، فيقوم ولا يطعم شيئا ، فاجتمع إليه أصحابه ، فقالوا : سبحان الله ! تقتل نفسك ؟ ! فلم يزالوا به حتى أصاب شيئا .
وبإسناده ، عن محمد بن سويد ، قال : كان لطاووس طريقان إذا رجع من المسجد ، أحدهما فيه رواس ، وكان يرجع إذا صلى المغرب ، فإذا أخذ الطريق الذي فيه الرواس لم يتعش ، فقيل له ، فقال : إذا رأيت الرؤوس كالحة لم أستطع الأكل . وذكر مالك بن أنس هذه الحكاية ، عن طاووس ، قال مالك : يعني لقول الله تعالى .
( وهم فيها كالحون ) [ المؤمنون : 104 ] .
وروى ابن أبي الدنيا أيضا بإسناده عن عبد الله بن عمر أنه شرب ماء باردا فبكى واشتد بكاؤه ، فقيل : ما يبكيك ؟ فقال : ذكرت آية من كتاب الله قوله :
( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) [ سبأ : 54 ] .
فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئا ، شهوتهم الماء البارد ، وقد قال الله تعالى :