وقبل وفاته بثلاث عشرة سنة فتجد في الكتاب أشياء مكررة ودخول مسند في مسند وسند في سند وهو نادر [1] وللحافظ ابن الجوزي كلمة في كتابه " صيد الخاطر " بشأن المسند ننقلها بحروفها عن مقدمة الجزء الأول من المسند طبع دار المعارف .
فصل - كان قد سألني بعض أصحاب الحديث : هل في مسند أحمد ما ليس بصحيح ؟ فقلت . نعم : فعظم ذلك جماعة ينسبون إلى المذهب ، فحملت أمرهم على أنهم عوام ! وأهملت فكر ذلك ، وإذا بهم قد كتبوا فتاوى فكتب فيها جماعة من أهل خراسان منهم أبو العلاء الهمداني ، يعظمون هذا القول ويردونه ويقبحون قول من قاله ! فبقيت دهشا متعجبا . وقلت في نفسي : واعجبا صار المنتسبون إلى العلم عامة أيضا ! وما ذاك إلا أنهم سمعوا الحديث ولم يبحثوا عن صحيحه وسقيمه ، وظنوا أن من قال ما قلته قد تعرض للطعن فيما أخرجه أحمد وليس كذلك ، فإن الإمام أحمد روى المشهور والجيد والردئ ، ثم هو قد رد كثيرا مما روى ولم يجعله مذهبا له . أليس هو القائل في حديث الوضوء بالنبيذ مجهول ! ومن نظر في كتاب العلل الذي صنفه أبو بكر الخلال رأى أحاديث كثيرة كلها في المسند ، وقد طعن فيها أحمد .
ونقلت من خط القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء في مسألة النبيذ قال :
إنما روى أحمد في مسنده ما اشتهر ولم يقصد الصحيح ولا السقيم ، ويدل على ذلك أن عبد الله قال : قلت لأبي ، ما تقول في حديث ربعي بن خراش عن حذيفة ؟
قال : الذي يرويه عبد العزيز بن أبي داود ؟ قلت : نعم ، قال الأحاديث بخلافه ، قلت : فقد ذكرته في المسند ! قال : قصدت في المسند المشهور ، فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو في هذا المسند إلا الشئ بعد الشئ اليسير ، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث : لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شئ يدفعه .
قال القاضي : وقد أخبر عن نفسه كيف طريقه في المسند ، فمن جعله أصلا للصحة فقد خالفه وترك مقصده .