" والعدالة " وحدها غير كافية ، وقد اختلفوا في صفتها اختلافا شديدا حتى قالوا :
" إن من الصعب الوقوف على رسم العدالة فضلا عن حدها ، وخاضوا في ذلك كثيرا ، ولا نطيل فيما قالوه في ذلك ، وقد عرفوا " الضابط " [1] في الرواية بأنه هو الذي يقل خطؤه في الرواية - وغير الضابط هو الذي يكثر غلطه [2] ووهمه ، سواء أكان ذلك لضعف استعداده ، أم لتقصيره في اجتهاده ، وقد وضعوا صفات كثيرة للضابط لا نعرض لها [3] . لأن كلا من العدالة والضبط له مراتب عليا ووسطى ودنيا ، ويحصل من تركيب بعضها مع بعض مراتب للحديث مختلفة في القوة والضعف [4] .
و " الثقة " هو الذي يجمع بين العدالة والضبط ، وليس كل ما يرويه " الحافظ المتقن " صوابا لاحتمال أن يكون قد زل في بعض المواضع ، وكذلك ليس كل ما يرويه " غير الحافظ المتقن " خطأ لإصابته في كثير من المواضع ، والعاقل اللبيب هو الذي يسعى لمعرفة صواب كل فريق ليأخذ به .
الخبر وأقسامه :
لما كان الحديث عبارة عن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله كما عرفوه ، وكان من لم يدرك هذه الأقوال بطريق الحس لا سبيل له إلى إدراكها إلا بطريق الخبر ، اعتنى العلماء ببيان أقسام الخبر مطلقا ، وجعلوا للحديث الذي هو قسم من أقسام الخبر بحثا خاصا به .
وقد قسم " علماء الكلام والأصول " الخبر إلى قسمين : خبر متواتر ، وخبر آحاد " فالخبر المتواتر " هو خبر عن محسوس أخبر به جماعة بلغوا في الكثرة مبلغا تحيل العادة تواطؤهم على الكذب فيه ، وهو مفيد للعلم بنفسه [5] لأنه صحيح قطعا