الرواة إلى أن يرووا ( بالمعنى ) ، ومنها أنهم كانوا " يدلسون " فيروي الصحابي حديث رسول الله عن صحابي آخر من غير أن يذكر اسم من روى عنه - وكانوا لا يرون في ذلك بأسا ، كما ذكر ذلك ابن قتيبة ، إذ قال في كتابه " تأويل مختلف الحديث " [1] وهو يتكلم عن روايات أبي هريرة التي لم يسمعها من النبي : إنه كان يقول :
قال رسول الله " كذا " وإنما سمعه من الثقة " عنده " فحكاه ، وكذلك كان ابن عباس يفعل وغيره من الصحابة . ومثل هذه الرواية يسميها رجال الحديث في علمهم " بالتدليس " وقد قال الحافظ الذهبي وهو يؤرخ لأبي هريرة " كان أبو هريرة يدلس " وتدليس الصحابة " كثير ولا عيب فيه " [2] .
وقد بينا هذه العلل من قبل في كتابنا هذا وفي كتابنا " شيخ المضيرة " الذي طبعناه على حدة وأظهرنا أضرارها ، ولكن ثم علة خطيرة لم نتكلم عنها من قبل كشف عنها الصحابي الكبير - عمران بن حصين [3] في كلامه الذي أقسم عليه :
إذ قال : " والله إن كنت لأرى أني لو شئت لحدثت عن رسول الله يومين متتابعين ، ولكن بطأني عن ذلك ، أن رجالا من أصحاب رسول الله سمعوا كما سمعت ، وشهدوا كما شهدت ، ويحدثون أحاديث ما هي كما يقولون ، وأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم ، فأعلمك أنهم كانوا يغلطون - وفي رواية - يخطئون - لا أنهم كانوا يتعمدون [4] .
وروى ابن الجوزي في كتاب " شبهة التشبيه [5] " قال : سمع الزبير ( ابن العوام ) رجلا يحدث ، فاستمع الزبير حتى قضى الرجل حديثه ، فقال له الزبير :
أنت سمعت هذا من رسول الله ؟ فقال الرجل : نعم ! ! فقال الزبير : هذا وأشباهه