ذكرت أن ذلك التردد لا أساس له ولا دليل عليه ، وأن الحارث ثقة يعمل بحديثه قولا واحدا على حسب القواعد المقررة .
ثالثها : إن الحارث لم يقع منه تفرد في حديثه ، وإنه لم يكن ممن فحش خطؤه وكثر همه ، لأنه كان من التابعين الأولين ، وإنما ذلك يوجد في صغار التابعين فمن بعدهم .
فأين يذهب الألباني من هذا الكلام الذي قرره الذهبي الحافظ الناقد ، الذي ما أتى بعد يحيى بن معين خبير بأحوال الرجال مثله ، في شأن الحارث وحكمه فيه بأنه ممن يعمل بحديثه وينقل عنه ! ؟
ومعلوم أن الذهبي لم يكن له بالتشيع صلة ، ولا له بالشيعة رابطة ، حتى يتهم هو الآخر بأنه قال ما قال لأجل تشيعه .
فظهر من هذا أن الألباني ليس له معرفة بالرجال ، ولا له غوص في نقل عبارات أهل الجرح .
وإنما شأنه فأصر على جمع طرق الحديث ، وذكر الصفحات بأرقامها التي يوجد فيها الحديث لا غير ، وكون السند فيه ثقة أو ضعيفا ، أما نقد الرجال والكلام على علل الحديث الخفية التي هي أهم علوم الحديث ، فهذا لا يعلمه ولا يدريه ، ولا شأن له به في كلامه على الأسانيد ، كما يظهر من كتبه وتعاليقه .
فتجده يصحح ما هو موضوع ، ويضعف ما هو صحيح ، ويحكم بوقف ما هو مرفوع .
ولكنه اغتر بفراغ الجو وخلو البلاد ممن يشتغل بالحديث على الوجه الصحيح ، [1] ولم يجد بين أهل العلم من يتفرغ لبيان أوهامه وسقطاته وأغلاطه التي أرجوا أن يهيئ