وإلا لما أخذ عنه وتعلم منه ، وهو معدود من الرواة عن الحارث .
لا سيما والكذب لم يكن له سوق بين التابعين ، ولا له رواج على لسانهم ، وإذا وقع منهم فعلى سبيل الغلط والوهم والخطأ .
وهذا شأن عامتهم ، فكيف بعلمائهم وساداتهم كالحارث ! ؟
وما صار التابعون يأخذون الحذر من الرواة ويحتاطون في الأخذ حتى وقعت الفتنة ، فلما وقعت ، نظروا من كان من أهل السنة أخذوا حديثه ، ومن كان من أهل البدع تركوا حديثه - كما قال ابن سيرين - رحمه الله تعالى .
وهذا الاحتياط لم يكن منهم لأجل انتشار الكذب بينهم ، وإنما كان لأجل المذهب والخروج عن جماعة أهل السنة .
ثم بعد أن قررت هذا ، وسنح في الفهم عند كتابة هذه السطور ، وجدت الذهبي - رحمه الله تعالى - يقول في رسالته : " في الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم " : 4 بعد كلام ما نصه :
وأما التابعون ، فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمدا ، ولكن لهم غلط وأوهام ، فمن ندر غلطه في جنب ما قد حمل احتمل ، ومن تعدد غلطه وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضا ، ونقل حديثه ، وعمل به على تردد بين الأئمة الأثبات في الاحتجاج عمن هذا نعته ، كالحارث الأعور ، وعاصم بن ضمرة ، وصالح مولى التوأمة ، وعطاء بن السائب ، ونحوهم ، ومن فحش خطؤه وكثر تفرده لم يحتج بحديثه ، ولا يكاد يقع ذلك في التابعين الأولين ، ويوجد ذلك في صغار التابعين فمن بعدهم .
أه . كلامه .
فأفاد هذا التقرير ، من الحافظ الناقد المتقن الذهبي - رحمه الله تعالى - فيما يتعلق بالحارث أمورا :
أولها : أن الحارث لم لكن كذابا كما زعم الشعبي ، لأن الكذب لم يكن يصدر من التابعين عمدا .
ثانيها : أن حديثه يعمل به في الأحكام وينقل بين الناس ، ولهذا احتج أصحاب كتب السنة بحديثه للمعنى الذي ذكره الذهبي ، والتردد في ذلك لا يضر ، فقد