الله تعالى الفرصة لبيانها ، حتى يعلم الطلبة أنه محدث الأوراق والصحف .
وأعظم دليل على هذا ما وقع له في شأن الحارث ، مع وقوفه على قول الذهبي في ترجمة الحارث في " الميزان " أن الجمهور على توهينه ، فأخذ ذلك منه مسلما ، ورأى أن ذلك هو الحق ، لأنه ليس له أهلية لمعرفة صواب كلام أهل الجرح من خطئه ، وحقه من باطله ، وإلا لو كانت له أهلية وكفاءة ، وكان محدثا على طريق النقاد ، لتتبع كلام أهل الجرح وسبر أقوالهم ، ليعلم هل قول الذهبي في الحارث أن الجمهور على توهينه صواب أم خطأ ؟ حق أم باطل ؟
لأن الذهبي ، وإن كان حافظا ناقدا ، لكنه له أوهام وأغلاط في كلامه على بعض الرجال ، من لم يتنبه لها يقع في حبالتها .
كما يقع له أيضا أوهام في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، وتساهل في الكلام على أسانيدها ، كما يعلم ذلك من قرأ تلخيص المستدرك له ، ومن ذلك قوله في الحارث إن الجمهور على توهينه ، فإنه وهم محض ، وتسرع في القول لا غير .
ولو تتبع الألباني ، كلام أهل الجرح في الحارث - كما حصل لنا - ونظر في مخرج جرح المجرحين له ، لعلم وتحقق أن الجمهور الذي قال الذهبي أنه اتفق على توهين الحارث لا يوجد إلا في ( الميزان ) للذهبي - رحمه الله تعالى - وأنه لا حقيقة له في الخارج مطلقا ، كما يقولون في العنقاء .
لأن الجمهور الذي يخرج منه الحسن والحسين ، ومعهما والدهما - عليهم السلام - وأهل الكوفة جميعا ، وابن سيرين ، وسعيد بن جبير ، وابن معين ، وأحمد بن صالح المصري ، وحبيب بن أبي ثابت ، والنسائي ، وأبو بكر بن أبي داود ، وأبو حفص ابن شاهين ، وابن عبد البر ، وغيرهم كثير ممن وثقه وأثنى عليه . بل قال ابن معين : ما زال المحدثون يقبلون حديثه .
الجمهور الذي يخرج منه هذا العدد الجم من أئمة السلف والخلف ، لجدير أن ينبذ نبذ النواة ، ويطرح في زوايا الترك والاهمال ، ويسدل عليه ستار النسيان .
ويكفي في رد دعوى الذهبي - رحمه الله تعالى - هذه في كون الجمهور على هين الحارث :