أقول : لا يجمل بالمسلم الناصح ، أن يسعى بين جماعة المسلمين - في هذا الوقت - بالتفرقة وبث الشقاق والخلاف في أمور تافهة للغاية . إثمها أكبر من نفعها إن كان فيها نفع ، وإلا فإثمها محقق ، وضررها قد ظهر للعيان ، وأصاب ما تبقى من هذه الطائفة المسلمة ، طائفة أهل السنة والجماعة في صميم مجتمعها ، بما نجم عنه من الخلاف والتنافر والتناحر وتفريق الشمل واللمز بالتبديع ، بل والتكفير ، بما لا يعد كفرا ولا بدعة ، حتى وصل ضرر ذلك إلى المصلين في مساجدهم ، وأهل العلم في حلقة علمهم ودرسهم [1] .
وكل ذلك - والعياذ بالله تعالى - بسبب هذه الأباطيل والخلافات الواهية ، التي كرس لها المفتونون جهدهم بنشرها بين العامة وضعفاء العقول من طلبة العلم .
فعم البلاء بها ، واتسع خرقها على الرقع وتنكرت بسببها القلوب بعد أن كانت مؤتلفة ، وبلغ الحال إلى تعدد الجماعات في الوقت الواحد في المسجد الواحد .
وإلى إعراض الأب عن ابنه ، والابن عن أبيه ، ومخاصمة الأخ لأخيه ، ورمي المسلم أخاه بالبدعة والضلال ، والخروج عن الإسلام ، وترك التحية بينهما بالسلام ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولنرجع إلى بيان جهل الألباني ، فيما اعترض به على من وثق الحارث .
فنقول :
إن الحارث ثقة عدل رضي ، وثقة جماعة السلف والخلف ، واعتمدوا على روايته ، واحتجوا بحديثه ، لأنه إمام من أئمة العلم والحديث في الكوفة .
وروى عنه الأكابر من رجال العلم ، وقدمه أهل الكوفة على غيره ، في العلم ، وفي الصلاة بهم ، في الوقت الذي كانت فيه عامرة بسادات التابعين وأئمة العلم والرواية .
حتى كانوا يقدمونه على المشاهير من أئمة التابعين ، كعبيدة السلماني ، وعلقمة ، ومسروق ، وشريح .