فظهر مما تقدّم نماذج من مؤاخذات ابن إدريس على الشيخ الطوسي في مسألة العمل بخبر الواحد ، وأنّه لا يجوز العمل به ، وقد صرّح بذلك في كثير من الموارد ، حتى في المستطرفات ، فقد عقب على حديث من أحاديث جامع البزنطي في مسألة تصرّف الودَعَي بالوديعة من غير اذن صاحبها فقال : قال محمّد بن إدريس : لا يلتفت إلى هذا الحديث ولا إلى الحديث الذي قبله لأنّهما وردا في نوادر الأخبار والأدلّة بخلافهما . . . .
وبعد هذا فأخبار الآحاد لا يجوز العمل بها على كلّ حال في الشرعيات على ما بيّناه .
ولقد ادعى في مقام مناقشة حادة مع الشيخ الطوسي في باب ميراث المجوس أنّ عدم العمل بأخبار الآحاد من ديدن الإمامية فراجع ص 409 حيث قال :
فإن كان شيخنا أبو جعفر عاملاً بأخبار الآحاد ، فلا يجوز له أن يعمل بهذه الرواية - رواية السكوني - إذا سلّمنا له العمل بأخبار الآحاد تسليم جدل على ما يقترحه وذكره في عدّته ، وإن كان مخالفاً لإجماع أصحابنا سلفهم وخلفهم ، حتى أنّ المخالفين من أصحاب المقالات يذكرون في كتبهم ومقالات أهل الآراء والمذاهب : أنّ الشيعة الإمامية لا ترى العمل في الشرعيات بأخبار الآحاد .
ونكتفي بهذا المقدار من الشواهد التي قدّمناها كنماذج مما تحامل به المصنّف على الشيخ الطوسي في مسألة العمل بأخبار الآحاد ، ولكنه ومع ذلك كله فقد ذهب في موقف آخر إلى أنّ الشيخ الطوسي لا يعمل بأخبار الآحاد مما أدى ذلك إلى وقوعه في التناقض وذلك منه عجيب ، ولعل ذلك هو بعض شواهد ما رمي به من التخليط فيما أراه .