وعلى هذا فقد وقع الخلاف في ذلك على أقوال كثيرة :
فمنهم من أنكر حجيته مطلقاً ، وقد حكي هذا القول عن السيد المرتضى والقاضي وابن زهرة والطبرسي وابن إدريس وادعوا في ذلك الإجماع ، ولكن هذا القول منقطع الآخر فانّه لم يعرف موافق لهم بعد عصر ابن إدريس إلى يومنا هذا .
ومنهم من قال : ( انّ الأخبار المدوّنة في الكتب المعروفة لا سيما الكتب الأربعة مقطوعة الصدق ) . وهذا ما ينسب إلى جماعة من متأخّري الأخباريين ، قال الشيخ الأنصاري قدس سره تعقيباً على ذلك : ( وهذا قول لا فائدة في بيانه والجواب عنه إلا التحرز عن حصول هذا الوهم لغيرهم كما حصل لهم ، وإلاّ فمدعي القطع لا يلزم بذكر ضعف مبنى قطعه . . . ) .
وأمّا القائلون بحجية خبر الواحد فقد اختلفوا أيضاً ، فبعضهم يرى أنّ المعتبر من الأخبار هو كلّ ما في الكتب الأربعة بعد استثناء ما كان فيها مخالفاً للمشهور ، وبعضهم يرى أنّ المعتبر بعضها ، والمناط في الاعتبار عمل الأصحاب ، كما يظهر ذلك من المنقول عن المحقق في المعارج ، وقيل المناط فيه عدالة الراوي أو مطلق وثاقته ، أو مجرد الظن بالصدور من غير اعتبار صفة في الراوي ، إلى غير ذلك من التفصيلات .
ونكتفي بهذا القول من تنوير القارئ بشيء عن موضوع خبر الواحد ، ومدى حجيته واختلاف آراء العلماء في ذلك ، وقد تبيّن لنا أنّ الذين لا يقولون بحجيته مطلقاً هم السيد الشريف المرتضى ومن تبعه ، ولعل آخرهم هو المصنّف كما سبقت الإشارة إلى ذلك ، وأمّا الذين قالوا بحجيته وشرطوا لذلك شروطاً فهم الشيخ الطوسي رحمه الله ومن تبعه .
وقد بحث الشيخ الطوسي في كتابه عدّة الأصول هذه المسألة بعد ما استعرض حقيقة الخبر وأبان أقسامه ، فقد عقد فصلاً خاصاً لذكر خبر الواحد ،