عبرة به ، لأنّ الظن في نفسه ليس حجة عندهم قطعاً ، فالشأن كلّ الشأن عندهم في حصول هذا الدليل القطعي ومدى دلالته .
فمن ينكر حجية خبر الواحد كالسيد الشريف المرتضى ومن اتبعه ، انّما ينكر وجود هذا الدليل القطعي ، ومن يقول بحجيته كالشيخ الطوسي وباقي العلماء يرى وجود الدليل القاطع ، ولأجل أن يتضح ما نقول ، ننقل نص أقوال الطرفين في ذلك .
قال الشيخ الطوسي في العدة [1] : ( من عمل بخبر الواحد فانّما يعمل به إذا دل دليل على وجوب العمل به ، إمّا من الكتاب أو السنّة أو الإجماع ، فلا يكون قد عمل بغير علم ) .
وصرح بذلك السيد المرتضى في الموصليات حسبما نقله عنه الشيخ ابن إدريس في مقدمة كتابه السرائر فقال : ( لا بدّ في الأحكام الشرعية من طريق يوصل إلى العلم ) إلى أن قال : ( ولذلك أبطلنا في الشريعة العمل بأخبار الآحاد ، لأنّها لا توجب علماً ولا عملاً ، وأوجبنا أن يكون العمل تابعاً للعلم ، لأنّ خبر الواحد إذا كان عدلاً فغاية ما يقتضيه الظن بصدقه ، ومن ظننت صدقه يجوز أن يكون كاذباً ) .
وأصرح منه قوله بعد ذلك : ( والعقل لا يمنع من العبادة بالقياس ، والعمل بخبر الواحد ، ولو تعبّد الله تعالى بذلك لساغ ولدخل في باب الصحة ، لأنّ عبادته بذلك توجب العلم الذي لا بدّ أن يكون العمل تابعاً له ) .
وعلى هذا فيتضح انّ المسلّم فيه عند الجميع انّ خبر الواحد لو خُلّي ونفسه لا يجوز الاعتماد عليه ، لأنّه لا يفيد إلا الظن الذي لا يغني من الحقّ شيئاً ، وإنّما موضع النزاع هو قيام الدليل القطعي على حجيته .