والآن يجب علينا النظر في هذه المؤاخذات ، ومدى صحتها ، بمثابرة المحقق وصبر الباحث المتتبع فنقول :
انّ النقطة الأولى من المؤاخذات ، وهي مسألة العمل بأخبار الآحاد ، فقد احتلّت مكان الصدارة بين النقاط الأخرى ، نظراً لكثرة ما ترتب عليها من موارد المؤاخذة ، حتى تجاوزت سمة النقد النزيه إلى حملة النكير والتشهير .
ولما كانت هي بيت القصيد في الملحمة الخلافية بين المصنّف والشيخ الطوسي ، كان علينا أن نستطلع رأيهما معاً في تلك المسألة ، وعلى ضوء ذلك يصح لنا أن نخطّىء أو نصوّب .
ومن الخير تنوير القارئ بشيء عن ذلك ، ونكتفي بما كتبه استاذنا المرحوم الشيخ المظفر في كتابه أصول الفقه [1] حيث قال : انّ خبر الواحد - وهو ما لا يبلغ حد التواتر من الأخبار - قد يفيد علماً ، وإن كان المخبر شخصاً واحداً ، وذلك فيما إذا احتفّ خبره بقرائن توجب العلم بصدقه ، ولا شك في انّ مثل هذا الخبر حجة ، وهذا لا بحث لنا فيه ، لأنّه مع حصول العلم تحصل الغاية القصوى ، إذ ليس وراء العلم غاية في الحجيّة ، وإليه تنتهي حجية كلّ حجة كما تقدم .
وأمّا إذا لم يحتف بالقرائن الموجبة للعلم بصدقه ، وإن احتف بالقرائن الموجبة للاطمئنان إليه دون مرتبة العلم ، فقد وقع الخلاف العظيم في حجيته وشروط حجيته . والخلاف في الحقيقة - عند الامامية بالخصوص - يرجع إلى الخلاف في قيام الدليل القطعي على حجية خبر الواحد وعدم قيامه ، وإلاّ فمن المتفق عليه عندهم انّ خبر الواحد بما هو خبر مفيد للظن الشخصي أو النوعي لا