أو تابعاً لغرض غيره ، وهو إمّا معذور أو غير معذور ، بل قد يقع القدح ممن ينسب إلى الثقة والصداقة لبعض ما ذكرت من العلل ، والعيان يشهد بذلك .
وإن امرؤا أمسى وأصبح سالماً * من الناس إلا ما جنى لسعيد وهذه الأقسام هي المستولية على أكثر البرية ، فالتهمة إذن شايعة ، ولا يحصل ( محصّل - ظ ) بإزائها في جانب المادحين ، فالسكون إليهم ما لم يحصل معارض راجح ، والسكون إلى القاء حين ما لم يحصل معارض مرجوح ، وبالله الثقة وبه نستعين ) [1] .
فنحن على ضوء هذه القاعدة ستكون الموازنة في تقييم المصنّف من خلال ما قيل فيه ، ولا شك أنّ من يقرأ المصنّف في كتابه السرائر فضلاً عن باقي آثاره يدرك أنّه كان قويّ الملاحظة غريبها ، دقيق التحقيق متينه ، واضح الأسلوب ، فلا لبس ولا غموض ، كما يدرك أنّه كان متميّز المنهج إن لم يكن فريده . لا يخلو من حدة في البيان مما لا يخلو منها في الغالب أيّ إنسان .
ولا أعني بالتميّز هو تطعيم كتابه الفقهي بنوادر لغوية ، أو تحقيقات تاريخية ونسبية ، وحتى الطرائف الأدبية أو الفوائد الأخرى ، فقد نجد نحو ذلك في بعض كتب المتقدمين على قلة كمبسوط الشيخ الطوسي رحمه الله مثلاً ، فلا أعني ذلك .
كما لا أعني بالتميّز في المنهج ذلك الموقف النقدي العنيف لجمهرة من معاصريه الذين عبّر عنهم بالمقلّدة ، فهو وإن كان ينعى عليهم تقليدهم للسابقين ، وكان بحق مجدّداً في موقفه ، إلا أنّا نجده هو أيضاً يدخل حظيرة التقليد من باب واسع ، وكان استئذانه قوة عارضته في الاستدلال ، ولباقته التي قد لا تخطر ببال الكثير من قرائه .