ونحن لسنا على يقين من تأثر المصنّف برأي شميم وطريقته ، وقد يحتمل العكس ولكن بادرة التطلع إلى التجديد ، والأصالة في ذلك العصر نلمسها عند الشاعر والعالم والمصنف ، وربّما لو تم الاستقراء لآثار من ذكرنا من رجال ذلك العصر ، لوجدنا أكثر من شاهد على ذلك ، وإن اختلفت البصمات وتفاوت العرض ، فبعضهم يعبّر بقول القائل وهو لا يخلو من التعبير عن نزوات الطموح الفكري والاعتداد بالنفس :
قل لمن لا يرى للمعاصر شيئا * ويرى للأوائل التقديما إن هذا القديم كان حديثا * وسيبقى هذا الحديث قديما حتى إنّا لا نفقد من كان يرمي في شكل حرف الألف مادة يستوحي منها فكرة شاعرية معبرة عن الاستقامة ، ومن استقام استحق التقديم ، دون اعتبار لعامل الزمن في ذلك المقياس ، فهو يقول كما تقدم :
إن كنت تسعى للسعادة فاستقم * تنل المراد وقد سموت إلى السما ألف الكتابة وهو بعض حروفها * لما استقام على الجميع تقدّما وهو معنى جميل ورائع ، حبّذا لو حفظناه لفظاً ومعنى .
* ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * [1] .
وسيأتي وصف المصنّف الشيخ ابن إدريس لأهل عصره حيث حمل عليهم بالتنديد ورفض التجديد في مقدمة كتابه السرائر ، قال : ( ( إنّي رأيت من أهل هذا العصر في علم الشريعة المحمّدية ، والأحكام الإسلامية ، وتثاقلهم عن طلبها ، وعداوتهم لما يجهلون ، وتضييعهم لما يعلمون ، ورأيت ذا السن من أهل دهرنا هذا