المناحي الفكرية والأحداث في العراق في عصر ابن إدريس :
لما كان ابن إدريس المتوفى سنة 598 ه يعاصره ابن الجوزي المتوفى سنة 597 ه وهو مؤرخ حنبلي غير متهم على أبناء مذهبه فيما كان لهم من نشاط يقومون به حتى العنف واستحواذ على بعض رجال الحكم العباسي ، إذ يساند كلّ فريق الآخر لمصالحهم الشخصية ، ولدى مراجعة ( كتاب المنتظم ) في أحداث تلك الحقبة نجد عدّة محاور لها تأثيرها في المناحي الفكرية في ذلك العصر نشير إلى جملة منها :
1 - نشاط الحنابلة حتى كان تعيين القضاة من الحنابلة حين يساندهم رجال في البلاط العباسي ، فهم يكونون الولاة ، وهم يكونون القضاة ، وهذا شأن وعاظ السلاطين ، ومن الطبيعي أن يكون هناك من يعارضهم يمثلون محاور فكرية أخرى ، فيقفون ضدهم ، ويتجاوزوا الحدّ حين نجد السلفيين الذين جمّدوا العقل واتخذوا من الحديث ذريعة لدحر أخصامهم من أهل الكلام وأهل الفلسفة ، حتى عدّ بعض الحنابلة العلوم العقلية من العلوم الرديئة [1] .
وذكر ابن الجوزي الحنبلي في المنتظم [2] حرق مكتبة أحد القضاة بأمر المستنجد بالله العباسي لأنّ فيها كتب فلسفية ، كالشفاء لابن سينا ، وكتب أخوان الصفا . . . .
2 - نشاط العقلانية من أهل الكلام والفلسفة نتيجة لذلك العنف ، ولا بد أن يحدث العنف المضادّ ، فكان نشاط أهل الكلام وقد اشتدوا في مواقفهم من أهل الحديث ، فكانت طروحاتهم العقلانية تأخذ مسارها وتؤتي ثمارها على