وكان يوري نار الخلاف بينهم عماد الدين زنكي طوال حكمه حيث كان يتعصّب ضد الشافعية ويميل للحنفية ، حتى انّه بنى مدرسة للحنفية بسنجار وشرط أن يكون النظر فيها للحنفية ، سواء كانوا من المدرسين أو الفراشين أو البوابين [1] .
وفي سنة 595 ه حدثت فتنة بين الشافعية والكرامية في هراة ، حتى انّ الكرامية تصادموا مع الفخر الرازي العالم الشهير صاحب التصانيف ، ولم تسكن الفتنة إلى أن أخرج الفخر الرازي من هراة وذلك في سنة 595 ه .
وفي تلك السنة أيضاً كانت فتنة مماثلة بين الأشعرية والحافظ عبد الغني المقدسي بدمشق حين ثاروا به وأرادوا قتله بفتوى بعضهم ، فأخرج من دمشق طريداً حفظاً لدمه .
وفي سنة 596 ه كانت الفتنة العمياء بين الشافعية والحنفية بمرو ذهب ضحيتها خلق كثير .
وإذا لم تكن كلّ تلك الأحداث بتفاصيلها المروعة ليس لها تأثير مباشر لأنها لم يعشها المؤلف بصورة مؤثرة حية ومتحركة ، لكنّها لا بدّ أنّها كانت تطرق سمعه ، فلا أقل أنّ ما يحدث ببغداد كان يبلغه ، فكم من ذائع صيت حبسه الخليفة بحق أو بغير حق لأسباب تتعلّق بشؤون فكرية كما حدث ذلك لأبي المعالي محمّد بن الحسن المعروف بابن حمدون الكاتب الشهير صاحب التذكرة الحمدونية ، فقد حبسه المستنجد بسببها ، لأنّه وجد فيها حكايات توهم الغض من الدولة ، فبقي في الحبس حتى مات رحمه الله سنة 562 ه .
وكذلك قصة شهاب الدين السهروردي المقتول بتهمة الانحلال والتعطيل ، وكان قتله حدثاً تناقلته العامة والخاصة .