وكان من أفاضل الخلفاء وأعيانهم في أفعال الخير وإكرام العلماء ، وحظيت الحلة بمزيد من عنايته حين أبقى على ولايتها طاشتكين ، وأضاف إليه إمارة الحاج في بعض السنين ، كما ولاها لبعض الحليين في حين آخر ، وقد اختار بعض الحليين فعيّنه شحنة واسط ، وقلد عليّ بن سليمان الحلي قضاء القضاة شرقاً وغرباً وخلع عليه بعد صلاة الجمعة وسلم عهده بذلك ، فقرئ بجامع القصر الشريف وأسكن دار الزينبي بباب عليّان ببغداد ، وأسند نظارة الحلة إلى أبي الفرج بن الحداد الحلي كما أناط ببني معيّة العلويين وهم من أهل الحلة إلباس خرقة الفتوّة ، ثم استبدل طاشتكين بجمال الدين قشتمر في ولاية الحلة .
ومن المظنون قوياً أنّ المصنّف شهد دخول جماعة كثيرة من أهل الأنبار إلى الحلة بسبب الإرهاق الذي لحقهم من تاج الدين العلوي ناظر نهر عيسى وذلك في سنة 596 ، كما أنّه غير بعيد قد شهد استعراض العسكر بالحلة ، وقد حضره الوزير ناصر بن مهدي العلوي والأمير طاشتكين ، وذلك في سنة 597 ه لغرض إرساله إلى اليمن لإخماد الفتن بها .
هذه أهم الأحداث التي تخص الحلة وقد عايشها المصنّف .
أمّا الحوادث الكونية المهمة التي تروّع أنباؤها كلّ ذي لبّ :
فمنها : الزلزلة العظيمة التي كانت بالشام في سنة 552 ه فهلك بحلب وحدها تحت الردم نحو الخمسمائة ، وخربت أكثر حماة ، ولم ينج من أهل شيزر إلا خادم وامرأة [1] .
وتكرّرت الزلزلة في سنة 565 ه مرة أخرى بالشام ، حتى أطنب العماد الأصبهاني وابن الجوزي في وصفها وما خلّفته من دمار ، فهلك في حلب تحت الهدم ثمانون ألفاً .