ولما قتل المستنجد في سنة 566 ه كان عمر المصنّف ثلاثاً وعشرين سنة ، فبويع من بعده المستضيء ، وأقر يزدن على إمارة الحلة .
وفي سنة 570 ه حدثت جفوة بين المستضيء وقطب الدين قيماز ، فسار قيماز في جماعة حتى استولى على الحلة ، فاستنجد الخليفة بالعامة عليه وقال لهم : مال قطب الدين لكم ودمه لي ، ولم يخرجه عن الحلة إلا شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم أرسله الخليفة ، فلم يزل به يخدعه حتى أخرجه عنها قاصداً الموصل ، فلحقه عطش عظيم أهلك أكثر من معه ، ومات هو قبل وصول الموصل .
فأسند المستضيء ولاية الحلة إلى أبي المكارم طاشتكين ، فشغل الولاية مدة ثلاث عشرة سنة ، وفي أيامه ورد الحلة ابن جبير الأندلسي ، فمدحه وأثنى على سيرته ، كما أنّ ابن الأثير أطرى طاشتكين بقوله : كان خيّراً صالحاً ، حسن السيرة ، كثير العبادة يتشيّع .
وفي أيّام المستضيء ولي النظر في ديوان الحلة أبو طالب يحيى بن أبي الفرج سعيد الشيباني ، وكان من الأعيان الأماثل ، انتهت إليه المعرفة بأمور الكتابة والإنشاء والحساب مع مشاركته في الفقه وعلم الكلام والأصول وغير ذلك ، وهو القائل :
إن كنت تسعى للسعادة فاستقم * تنل المراد وقد سموت إلى السما ألف الكتابة وهو بعض حروفها * لما استقام على الجميع تقدّما [1] وفي سنة 575 ه توفي المستضيء وتولّى الخلافة ابنه الناصر لدين الله العباسي ، وهو أطول الخلفاء العباسيين ولاية ، فقد وليها سنة 575 ه وبقي حتى مات سنة 622 ه .