القرن السادس وحتى نهايته ، وتلك هي الفترة التي يعتورها طوفان الأحداث وقد عاشها المصنّف ، بناءً على أنّ ولادته بعد الأربعين والخمسمائة وانّ وفاته في أواخر القرن السادس .
أمّا عن الحلة فهي البلد الذي كان يضم أمراء يفد عليهم الناس للإسترفاد ، وعلماء يقصدهم الطلاب من سائر البلاد ، فهي مرت بدور السعادة أيام الامارة المزيدية التي وصف العماد الأصبهاني - وهو من معاصري المصنّف - أمراء بني مزيد بكل جميل . والأمر الذي يجب أن لا نغفل عنه : أنّ العماد ألّف كتابه الخريدة في خلال عمله الرسمي في خدمة الدولة العباسية ، ومن المعلوم ما بين الدولة ورجال الإمارة من تفاوت واختلاف ، كلّ ذلك يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند قراءة هذا النص حيث يقول :
( كانوا ملجأ اللاجين ، وثمال الراجين ، وموئل المعتفين ، وكنف المستضعفين ، تشد إليهم رحال الآمال ، وتنفق عندهم فضائل الرجال ، ويفوح في أرجائهم أرج الرجاء ، وتطيب بندّ نداهم أندية الفضلاء ) .
وعلى هذا النحو يستمر العماد يصف بأسهم وجودهم ، وأثرهم في الخيرات وما كانوا عليه من محاسن الأخلاق ومكارم الصفات ، إلى أن قال :
( وما برحت دولتهم تنقص ، وظلهم يقلص ، إلى أن اضمحلت في زماننا هذا بالكلية ، أعاذنا الله من شر هذه البلية ، فلقد كانوا ذوي الهمم العالية ) [1] .
وإنّما اخترت وصف العماد لأنّه كان معاصراً للمصنف ، وكلاهما لم يدركا تلك الإمارة أيام حكمها ، بل أدركا خلود اسمها بعد أفول نجمها .
وأمّا ما أدركه المصنّف من حوادث تخص بلاده ( الحلة ) وربما كان لها تأثيرها في نفسه فهي :