وذكر ابن حجر عن ابن أبي الدنيا ، عن محمّد بن أبي معشر عن أبيه قال : بينما الحجّاج جالس إذ أقبل رجل يقارب الخطا ، فلمّا رآه الحجّاج قال : مرحباً بأبي غادية وأجلسه على سريره وقال : أنت قتلت ابن سميّة ؟ قال : نعم ، قال : كيف صنعت ؟ قال : فعلت كذا وكذا حتى قتلته ، فقال الحجاج : يا أهل الشام من سرّه أن ينظر إلى رجل طويل الباع يوم القيامة فلينظر إلى هذا ، ثم سارّه أبو الغادية فسأله شيئاً فأبى عليه ، فقال أبو الغادية : لو نعطي لهم الدنيا ثم نسألهم عنها فلا يعطونا ، ويزعم أنّي طويل الباع يوم القيامة ، أجل والله إنّ من ضرسه مثل أُحد ، وفخذه مثل ورقان ، ومجلسه ما بين المدينة والربذة لعظيم الباع يوم القيامة .
ثم قال ابن حجر : قلت : وهذا منقطع ، وأبو معشر فيه تشيّع مع ضعفه ، وفي هذه الزيادة تشنيع صعب ، والظن بالصحابة في تلك الحروب انّهم كانوا فيها متأوّلين ، وللمجتهد المخطئ أجر ، وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الأولى ، انتهى ما قاله ابن حجر في الدفاع عن أبي الغادية ، وما أدري كيف قال ذلك ، وهو الذي روى خبر عمرو بن العاص فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ( قاتل عمّار وسالبه في النار ) ) ؟ إنّه استغفال للناس ونصرة للباطل .
وكان ابن الأثير في أُسد الغابة أكثر اعتدالاً حين ذكر ترجمة أبي الغادية في أوّل حرف الغين [1] فساق ما تقدّم من خبر أبي معشر ثم قال : والله لو أنّ عمّاراً قتله أهل الأرض لدخلوا النار .
أقول : فمن كان من أهل النار لماذا تدنس كتب الصحابة بذكره ؟ إنّ أمر هؤلاء لعجيب مريب .