على أنّا لو أغمضنا النظر عن هذه الجهة ، فثم خلل آخر وذلك هو البُعد الزماني بين وفاة الشيخ الطوسي في سنة 460 ه وبين ولادة الشيخ ابن إدريس في سنة 543 ه فيكون بينهما 83 سنة ، وذلك يمنع من وقوع الولادة المزعومة حتى لو افترضنا انّ بنت الشيخ الطوسي كانت حملاً عند وفاة أبيها ووُلدت بعده ، فلا يمكن أن تكون هي أم ابن إدريس المصنّف إذ لا يعقل عادة حمل امرأة تجاوزت الثمانين من عمرها ، مع انّ انقطاع الحمل عادة وبلوغ سن اليأس انّما يكون في الستين على أكثر تقدير .
وحتى لو ادعي الإعجاز في المقام كما في قصة سارة زوجة إبراهيم عليه السلام حين بشرّتها الملائكة * ( قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ) * [1] لكان ذلك عجباً يشتهر أمره ، ويشيع خبره .
ولادته ، ونشأته :
لم تتوفّر المصادر المعنيّة على تفصيل شؤون ولادة المصنّف مكاناً أو زماناً ، نعم وردت إشارة لها دلالتها الزمانية ، فيما نقل عن خط الشيخ الشهيد الثاني رحمه الله في جملة فوائد ذكرها ، كان منها :
وقال الشيخ الإمام أبو عبد الله محمّد بن إدريس الإمامي العجلي رحمه الله : بلغت الحلم سنة ثمان وخمسين وخمسمائة [2] .
وبناءً على ذلك وأن يكون المراد ببلوغه الحلم هو بلوغه الخامسة عشرة من السنين ، فتكون ولادته في سنة 543 ، ولكن يمكن أن يكون بلوغه الحلم قبل