أقول : وهذا منه تحامل لا مبرّر له ، كما فيه وهم لا يصح السكوت عليه ، وذلك ما ذكره من انّه توفي - ابن إدريس - وهو ابن ( خمس وعشرون سنة ) وهذا خطأ ما فوقه من خطأ ، فإنّ الرجل مات وهو ابن خمس وخمسين سنة ، لأنّ ولادته كانت سنة 543 ووفاته كانت سنة 598 ، ولو أنّه أنصف نفسه قبل أن ينصف ابن إدريس لرأى إطراء الآخرين من الأخباريين أمثاله ، وحسبك ما وصفه به الملا محمد أمين الأسترآبادي وهو من أشدّ الأخباريين على الأصوليين ، في الفوائد المدنية ص 86 بالفاضل المدقق وكذلك ص 153 و ص 247 والحمد لله تعالى .
وجدير أن ننقل في المقام ما قاله خاتمة شيوخ الفقهاء الأخباريين الشيخ يوسف البحراني ( ت 1186 ) في مقدّمة كتابه الحدائق الناضرة [1] في بعض ما يجمل في الوفاق ، وإليك منه باقتضاب ولنجعله مسك الختام .
قال رحمه الله : اعلم انّه قد كثرت الأسئلة عن الفرق بين المجتهد والأخباري ، وأكثر المسؤولون من وجوه الفروق حتى أنهاها صاحب أجوبة مسائل الشيخ ياسين إلى ثلاثة وأربعين ، وقد كنت في أول الأمر ممن ينتصر لمذهب الأخباريين . . . إلا انّ الذي ظهر لي بعد إعطاء التأمل حقه في المقام ، وإمعان النظر في كلام علمائنا الأعلام ، هو إغماض النظر عن هذا الباب وإرخاء الستر دونه والحجاب ثم ساق بعض الفروق وبيّن عذر كل من أعلام الطائفتين إلى أن قال : - وجميع تلك المسائل التي جعلوها مناط العرف من هذا القبيل ، كما لا يخفى على من خاض بحار التحصيل ، فإنّا نرى كلاً من المجتهدين والأخباريين يختلفون في آحاد المسائل ، بل ربما خالف أحدهم نفسه ، مع انّه لا يوجب تشنيعاً ولا قدحاً .
وقد ذهب رئيس الأخباريين الصدوق ( رحمه الله تعالى ) إلى مذاهب