العاملي في كتابه هداية الأبرار إلى طريق الأئمّة الأطهار [1] الذي كتبه سنة 1073 ه فقد قال في الفصل الخامس ( نسخة مصورة عندي ) : في سبب دخول الشبهة على المتأخّرين من أصحابنا حتى قسّموا أخبارنا إلى الأقسام الأربعة المشهورة . . . إلى أن جاء ابن إدريس وكان على مذهب القدماء في انّه لا يعمل في إثبات أحكام الله تعالى إلا بما يوجب العلم ، فرأى أخبار آحاد عارية عن القرائن ، وغفل عن تصريحات من تقدّمه بأنّها ليست كذلك ، بل أكثرها معلوم الصحة ، والذي أوقعه في ذلك عدم التأمل ، واعتماده على ما يظهر له من أول وهلة ، كما هو شأن الشاب الذي لم تحنكه التجارب ، ولم يعضّ على العلم بضرس قاطع ، ولم يمارس الأمور كما ينبغي ، لأنّه توفي وهو ابن خمس وعشرون سنة ( ؟ ) فما عساه أن يحقق في هذا السن ما يجب تحقيقه رجل عالم من العلماء ، بل كلّهم على ما تشهد به التجربة والمشاهدة انّما تهذّب علومهم بعد الأربعين ، وأمّا قبل ذلك فعلومهم مختلطة ، وغاية ما عندهم قيل وقال .
فإن أدّاهم الفكر إلى مطلب سهل توهّموا أنّهم نالوا العيّوق ، وظفروا ببيض الأنوق ، وقد كان معجباً بعمله ( بعلمه ظ ) محباً للجدل والمعارضة ، ولذلك نرى العلامة إذا ذكره أحياناً يقول : قال الشاب المترف ، وقد ذكره ابن داود في قسم الضعفاء من كتابه على ما يوجد في بعض النسخ ، وقال : انّه كان يطرح أخبار أهل البيت ( ، وكذلك الشيخ منتجب الدين بن بابويه في فهرسته . . . والحاصل عفا الله عنه انّه توهّم فأكثر الاعتراض على الشيخ في فتاويه المستندة إلى الأخبار ، لزعمه أنّ ما استدلّ به الشيخ أخبار آحاد مجردة ، وقد بيّن العلاّمة رحمه الله أكثر توهّماته ، ثم اقتفى ابن إدريس أكثر من تأخّر عنه . . . .