الاعتراف بالفضل للآخرين ، ولكنه - للحق - لم يكن كذلك ، بل وبالرغم من كلّ ما قدّمناه من شواهد حيّة لمواقفه النقدية ، فإنّه لم يتخلّ عن شواهد تقديرية تشع باحترام الفضيلة وذويها وتقدّس العلم وأهله ، كما مرّ بنا في حديثه عن الشيخ المفيد والشيخ الطوسي ، والذي قل أن لا يعبّر عنه إلا بشيخنا ، وثمة أفراد آخرين ورد ذكرهم وذكر كتبهم ، فأثنى عليهم وأطرى كتبهم دون أن ينالهم قلم النقد بريشته الجارحة أو غمزه بلطف من ثنائهم وهم :
1 - الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه ، الذي ورد ذكره في عدّة مواضع من كتاب السرائر ، ومنها ما جاء في كتاب النكاح في مسألة لو زنى الابن بجارية الأب فقال : وإلى هذا ذهب شيخنا أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه في كتابه من لا يحضره الفقيه ، قال : وإن زنى رجل بامرأة ابنه أو امرأة أبيه وجارية ابنه أو بجارية أبيه ، فإنّ ذلك لا يحرّمها على زوجها ، ولا يحرّم الجارية على سيّدها ، وانّما يحرّم ذلك إذا كان منه بالجارية وهي حلال فلا تحل تلك الجارية أبداً لابنه ولا لأبيه . هذا آخر كلام ابن بابويه .
ونعم ما قال فانّه كان ثقة جليل القدر بصيراً بالأخبار ، ناقداً للآثار ، عالماً بالرجال حُفَظَة ، وهو أستاذ شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان .
2 - الشيخ الحسن بن أبي عقيل العماني ، وقد ورد ذكره في عدّة مواضع من السرائر فمنها ما جاء في كتاب الزكاة في باب حقيقة الزكاة وما يجب فيها وبيان شروطها ، حيث نقل عنه رأيه في شروط وجوب الزكاة ص 99 ثم قال :
وهذا الرجل وجه من وجوه أصحابنا ، ثقة فقيه متكلّم ، كثيراً ما كان يثني عليه شيخنا المفيد ، وكتابه كتاب المتمسّك بحبل آل الرسول كتاب حسن كبير هو عندي ، وقد ذكره شيخنا أبو جعفر في الفهرست وأثنى عليه .