شيخنا رحمه الله في كتاب القراض وغيره ، فما رجع ولا غيّرها في كتابه ، ومات رحمه الله وهو على ما قاله ، تداركه الله بالغفران ، وحشره مع آبائه في الجنان [1] .
كلّ هذا بالنسبة إلى من عيّنه من العلماء باسمه ، وأما ما ذكره في حق معاصريه ولم يعيّنهم بالاسم فلا يقصر عن ذلك ، ويكفينا ما ذكره في مقدمة كتابه وفي ثناياه من حملاته الشديدة عليهم ، فتارة يصفهم بالمقلّدة ، وأخرى بأنّهم العُثُر ونحو ذلك ، وإلى القارئ نموذجاً مما جاء في ثنايا الكتاب .
فمن ذلك ما قاله في كتاب القضايا في باب النوادر في مناقشة حديث أورده في ادعاء الأب انّه أعار ابنته الميتة بعض ما كان عندها من متاع ، فقال بعد كلام له : ولقد شاهدت جُميعةً من متفقهة أصحابنا المقلّدين لسواد الكتاب يطلقون القول بذلك . . . وهذا خطأ عظيم في هذا الأمر الجسيم [2] .
ومن ذلك ما قال في كتاب البيوع في باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز فقال : ولقد شاهدت جماعة من أصحابنا الذين عاصرتهم يخبطون في ذلك - في مسألة الغراس واستحقاق صاحب الأرض ذلك على الغارس وعدمه - خبطة عشواء ، وكل منهم يقول قولاً غير محصّل ، ليصحوا ما ليس بصحيح ، كأنّهم وجدوه مسطوراً في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فالحمد لله على التوفيق لإصابة الحق [3] .
وأظن أنّ هذا الاستعراض الطويل العريض بالنسبة إلى موقف المصنف من العلماء المتقدمين على زمانه وحتى معاصريه ، قد كوّن لدى القارئ فكرة عن المصنف ربما كانت خاطئة ، بانّه الرجل الذي استمرأ النقد مع الاعتداد وعدم