وأقسى من كل ما ذكره في حق الشيخ المفيد والشيخ ابن البراج ، هو ما ذكره في حق معاصره السيد العلوي أبي المكارم ابن زهرة الحلبي ، فقد ذكره في كتاب المتاجر في باب المزارعة في مسألة على من تجب الزكاة على صاحب الأرض أو على العامل قال : قال بعض أصحابنا المتأخّرين في تصنيف له : كلّ من كان البذر منه وجبت عليه الزكاة ، ولا تجب الزكاة على من لا يكون البذر منه ، قال : لأنّ ما يأخذه كالأجرة .
والقائل بهذا القول السيد العلوي أبو المكارم ابن زهرة الحلبي ، شاهدته ورأيته ، وكاتبته وكاتبني ، وعرّفته ما ذكره في تصنيفه من الخطأ ، فاعتذر رحمه الله بأعذار غير واضحة ، وأبان بها أنّه ثقل عليه الردّ ، ولعمري انّ الحق ثقيل كلَّه .
ومن جملة معاذيره ومعارضاته لي في جوابه : انّ المزارع مثل الغاصب للحب إذا زرعه ، فإنّ الزكاة تجب على رب الحب دون الغاصب .
وهذا من أقبح المعارضات ، وأعجب التشبيهات ، وانّما كانت مشورتي عليه أن يطالع تصنيفه ، وينظر في المسألة ويغيّرها قبل موته ، لئلاّ يستدرك عليه مستدرك بعد موته ، فيكون هو المستدرك على نفسه ، فعلت ذلك - علم الله - شفقة وسترة عليه ، ونصيحة له ، لأنّ هذا خلاف مذهب أهل البيت ( .
وشيخنا رحمه الله قد حقّق هذه المسألة في مواضع عدّة من كتبه وقال : الثمرة والزرع نماء على ملكيهما ، فيجب على كلّ واحد منهما الزكاة إذا بلغ نصيبه مقدار ما يجب فيه ذلك ، وانّما السيد أبو المكارم نظر إلى ما ذكره شيخنا من مذهب أبي حنيفة في مبسوطه ، فظن أنّه مذهبنا ، فنقله في كتابه على غير بصيرة ولا تحقيق ، وعرّفته أنّ ذلك مذهب أبي حنيفة ذكره شيخنا أبو جعفر في مبسوطه لما شرع أحكام المزارعة ، ثم عقّب بمذهبنا ، وأومأت إلى المواضع التي حققها