قال محمد بن إدريس : فانظر أرشدك الله إلى فتوى هذا الشيخ المجمَع على فضله ورئاسته ومعرفته ، وقد رجع إلى حديث يخالف الكتاب والسنّة وإجماع الأمة ، فكيف يجعل ما يورد ويوجد في شواذ الكتب دليلاً ؟ ! ويفتي به من غير حجة تعضده ؟ وهل هذا إلا تغفيل من قائله ؟ ! [1] .
وقد يعجب الباحث من المصنّف الذي سبق منه في تعظيم الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الخمس في ذكر الأنفال ومن يستحقها ، حيث حكى عنه رأيه في كتابه المقنعة في مسألة سهم الإمام أرواحنا له الفداء ، بما لا مزيد عليه حيث قال : قال محمد بن إدريس رحمه الله : وهذا الشيخ المفيد جليل القدر ، مقتدىً بأقواله وفتاويه ، انتهت رئاسة الشيعة الإمامية في عصره في زمانه إليه ، على ما حكاه شيخنا أبو جعفر رحمه الله عنه ، وهو صاحب النظر الثاقب ، والمناظرات في الإمامة ، والمقالات المستخرجة التي لم يسبق إليها ، فانظر أرشدك الله إلى قوله ، ثم أخذ يردد بعض كلامه مما يؤيد به مرامه إلى أن ختم ذلك بقوله : فانظر إلى فتوى هذا الشيخ رحمه الله [2] ، كما أنّه وصفه بأنّه خرّيت هذه الصناعة [3] .
وهكذا لا ينقضي العجب من المصنّف كيف يصف خريّت هذه الصناعة ، ومن هو مقتدى بأقواله وفتاويه ، وكان المجمع على فضله ورئاسته ، بانّه يجعل ما يورد ويوجد في شواذ الكتب دليلاً ، ويفتي به من غير حجة تعضده ، وانّه تغفيل منه ؟ !
ألا يكون هذا اللون من التناقض بين مواقف المصنّف من شواهد التخليط الذي رمي به في كتابه ؟