وجعل ثلاث أثافي لقدره وإذا ارتحل تركه " [1] . ولم يقتصر العرب على عبادة الاحجار ، بل كان لهم آلهة شتى ، من الملائكة والجن والكواكب ، فكانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله ، واتخذوا من الجن شركاء له وآمنوا بقدرتهم وعبدوهم : ( ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) [2] . ويروى عن حمير عبادة الشمس ، وعن كنانة عبادة القمر ، وعن لخم وجذام عبادة المشتري ، وعن أسد عبادة عطارد ، وعن طي عبادة سهيل [3] . وكان في العرب يهود ونصارى إلى جانب تلك الكثرة من المشركين ، ولكن اليهودية والنصرانية لم يكن بامكانها أن تصنع شيئا بعد أن منيت هي نفسها بالتحريف والزيغ ، وأصبحت مجرد شعارات وطقوس ، وبعد أن امتزجت المسيحية العالمية بوثنية الرومان ، وأضحت لونا من ألوان الشرك ، فلم تكن النصرانية أو اليهودية في بلاد العرب الا نسختين من اليهودية في الشام ، والنصرانية في بلاد الروم والشام ، تحملان كل ما منيت بها هاتان الديانتان من نكسات وزيف . وهذه الصورة العامة عن الوثنية والشرك في بلاد العرب ، تكفي لكي نتصور ما بلغه الانسان الجاهلي من ضعة ، وميوعة ، وتنازل عن الكرامة الانسانية ، حتى أصبح يدين بعبادة الحجر ، ويربط وجوده وكل آماله وآلامه بكومة من تراب .