حول فهم القرآن الكريم وتفسيره ، لان البحث في المتشابهات يتصف بالطابع العقلي دون اللغوي [1] . ويمكن ان نفهم الشئ ذاته من جميع النصوص التي وردت في النهي عن تفسير القرآن بالرأي أو تفسير القرآن بشكل مطلق [2] ، إذ لا نشك في مزاولة الصحابة للتفسير في حدود المشكلة اللغوية والتأريخية ، وهو في هذه الحدود ليس من تفسير القرآن بالرأي أو القول بغير علم ، ولا يبقى في نطاق الشك والنهي غير مواجهة القرآن بشكل أعمق لا يتفق وطبيعة المرحلة ولا يعيش حدود المشكلة اللغوية . وعلى هذا الأساس يمكن أن نشكك في كل محاولة تفسيرية تنسب إلى الصحابة ولا تعيش حدود هذه المشكلة وجوانبها ، ولا تتسم بسماتها وطابعها . فمن المعقول أن يداخلنا الشك في صحة ما ينسب إلى ابن عباس في تفسيره لسورة ( النصر ) حين يحاول أن يحمل السورة معنى فوق طاقتها اللغوية ، ويجعل
[1] لم يكن اسم السائل ( ابن صبيغ ) بل اسمه ( صبيغ بن عسل التميمي ) ولم يكن السؤال عن متشابه القرآن وانما كان السؤال عن ( والذاريات ذروا ) ( نقش أئمة در احياء دين 6 : 117 ) وهو بحث عن تفسير لغوي . وإذا رجعنا إلى قوله تعالى : ( . . . فأصبح هشيما تذروه الرياح . . . ) ( الكهف : 45 ) عرفنا تفسير اللفظ . كما أن الخليفة عمر قرأ على المنبر : ( فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا . . . وأبا ) قال : كل هذا قد عرفناه ، فما الأب ؟ ثم رفض عصا كانت في يده فقال : لعمر الله هو التكلف فما عليك ان لا تدري ما الأب ، اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب ، فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه ( الدر المنثور 6 : 317 ) . وكذلك عندما سئل أيضا عن " فاكهة وأبا " أقبل عليهم بالدرة ( الدر المنثور 6 : 317 ) مع أن تفسير اللفظين ورد بعدهما في قوله تعالى : ( متاعا لكم ولأنعامكم ) ( عبس : 32 ) . [2] راجع بصدد هذه النصوص الترمذي 11 : 68 .