الآية الثانية : قوله تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا واصلحا فأعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما ) [1] . وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم أن الآية الأولى من هاتين الآيتين مختصة بزنا النساء ، والعقاب فيها هو الايذاء بالشتم والإهانة وضرب النعال - كما جاء عن ابن عباس [2] ذلك - وهما في كلا الموردين تشملان البكر والثيب منهما . وقد نسخت كلتا الآيتين بحكم الجلد مائة مرة للبكر من النساء والرجال ، كما في قوله تعالى : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ) [3] وبحكم الرجم للمحصن من النساء والرجال ، كما ثبت ذلك في السنة النبوية . وقد ناقش السيد الخوئي ( رحمه الله ) مبدأ النسخ في هذه الآية ، على أساس أن كل واحدة من هذه الآيات تبين حكما يختلف عن الحكم المبين في الآية الأخرى ، ولا مانع من الاخذ بهذه الأحكام كلها لاختلاف موضوعاتها . ومن أجل ان تتضح هذه المناقشة لا بد من أن نستعرض بعض الأمور التي لها ارتباط وثيق في تفسير الآيتين المدعى نسخهما ، لنعرف بعد ذلك مدى صحة دعوى النسخ فيهما :
[1] النساء : 15 - 16 . [2] تفسير مجمع البيان 2 : 21 . [3] النور : 2 .