وقد ناقش السيد الخوئي ( رحمه الله ) القول بالنسخ هذا بمناقشتين : الأولى : أنه لا يمكن القول بنسخ الآية بالآية الثانية بعد أن كان الحكم في الآية المدعى نسخها له غاية ووقت ، وهما وان كانا مذكورين فيها على سبيل الاجمال لا التعيين الا ان هذا المقدار يكفي في عدم الالتزام بالنسخ فيها ، حيث إن النسخ لا يكون في حكم المؤقت الذي يرتفع بانتهاء وقته ، وانما يكون في الحكم الذي يكون ظاهره الاستمرار والتأبيد بحسب اطلاق اللفظ دون ان يكون صريحا في ذلك ، وعلى هذا الأساس يكون دور الآية الثاني هو : بيان الوقت والغاية للحكم المذكور في الآية الأولى دون ان تكون ناسخة له . الثانية : أن آية السيف لا تأمر بقتل أهل الكتاب بشكل مطلق حتى تصبح معارضة للآية الأولى ، وانما هي تأمر بقتالهم عند عدم دفعهم للجزية [1] . وحينئذ فمجرد ان يكونوا من أهل الكتاب لا يكفي في جواز قتالهم ، وانما يشترط في قتالهم توفر إحدى حالات ثلاث ، كما يستفاد ذلك من مجموع الآيات القرآنية وهي : أ - مبادأة أهل الكتاب المسلمين بالقتال : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ) [2] . ب - محاولتهم فتنة المسلمين عن دينهم : ( . . . والفتنة أشد من القتل . . . ) [3] . ج - امتناعهم عن اعطاء الجزية للآية المتقدمة . وفي غير هذه الحالات لا يجوز قتال أهل الكتاب ، وانما يكتفى بالصفح والعفو عنهم ، كما جاء في الآية الأولى المدعى نسخها ، فتكون الآية الثانية مقيدة لاطلاق الآية الأولى لا ناسخة لها .