ولعل هذا الاتجاه يقوم على أساس فهم حرمة العمل بالمتشابه من الآية الكريمة ، ولزوم الايمان به فحسب ، بخلاف المحكم فإنه مما يؤمن به ويعمل به أيضا . وقد لاحظ العلامة الطباطبائي على هذا الاتجاه بأنه لا يقوم بتحديد معنى المحكم والمتشابه - كما هو المقصود - وانما يبين حكما من أحكامها ، وهو لزوم الايمان والعمل معا بالمحكم والايمان فقط بالمتشابه . ونحن بحاجة إلى تعيين معنى كل واحد من المحكم والمتشابه في المرحلة الأولى ليمكن ترتيب الأثر عليهما ، لنعمل بالأول ونكتفي بالايمان بالثاني [1] . ويمكن ان نضيف إلى ذلك أن الآية الكريمة لا تمنع من العمل بالمتشابه ، وانما تحرم اتباع المتشابه بقصد الفتنة والتأويل ، دون العمل به بعد ارجاعه إلى المحكم . ولعل هذا هو المقصود من حرمة العمل بالمتشابه ، اي حرمة العمل به وحده دون ارجاعه إلى المحكم . ه - اتجاه ابن تيمية : الاتجاه الخامس : ان المتشابه هو آيات الصفات خاصة أعم من صفات الله سبحانه ، كالعليم والقدير والحكيم والخبير . وصفات أنبيائه كقوله تعالى في عيسى ابن مريم ( عليهما السلام ) : ( . . . وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه . . . ) [2] وما يشبه ذلك [3] . ويكاد ينهج الاتجاه الخامس المنهج الذي سار عليه الاتجاه الرابع ، حيث لا يعطينا تحديدا معينا للمحكم والمتشابه ، وانما يعرفنا على المتشابه من خلال ذكر بعض مصاديقه وأمثلته كالصفات . أضف إلى ذلك أنه لا مبرر لحصر المتشابه في الصفات دون غيرها في الوقت
[1] العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن 3 : 36 . [2] النساء : 171 . [3] العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن 3 : 36 .