نعم يحتمل أنّ الروايات الساقطة وجيهة في أصل صدورها ولها محامل مقبولة ، لكن يحتمل أنّ الراوي قد غيّر فيها سهواً أو عمداً بحيث يجعل حملها على المحامل الصحيحة صعباً ; فمثلا حينما قال الإمام نزلت هذه الآية في كذا أي شأن نزولها أو تفسيرها كذا ، حذف الراوي كلمة " في " وقال نزلت الآية كذا .
هذا ، والمعصومون عليهم السلام قد حدّدوا المعيار ووضعوا الميزان كي نقيس به صحيح الروايات من سقيمها ، وهو عرضها على كتاب الله ، وطرح ما خالف الكتاب منها ; وهذا المعيار منقول لنا بشكل متواتر ، الأمر الذي يتفرد به الشيعة ، ويجعلهم بحمد الله مستغنين عن أىّ توجيه للرواية المخالفة للكتاب [1] ، بخلاف بعض أهل السنة الذين اعتبروا المعيار المتقدم من وضع الزنادقة - كما رأيتم - ، وهو مما يوجب انهم يلجأون إلى النظرية المزعومة " نسخ التلاوة " [2] ليصونوا كتبهم من الصحاح والسنن وغيرهما التي ذكر فيها تلك الروايات ، أضف إلى ذلك كلّه أنّ أكثر تلك الروايات بل كثير منها ضعيفة السند ، ومن اطّلع على أسانيدها لا يشكّ في عدم حجيتها ، لأنّها من جهة الطرق أخبار آحاد ، وإن كان بعض العلماء يعبرون عنها بقولهم : " إنّها كثيرة أو متواترة معنى " [3] إلاّ أنّهم لم يريدوا خصوص روايات التحريف بالمعنى المراد - هنا - أي التحريف بالنقيصة وتغيير كلمات القرآن - بل أرادوا بهذا القول ما يعم الاختلاف في القراءة والتحريف المعنوي - المساوق للتفسير بالرأي - ، والمخالفة في تأليف الآيات من حيث التقديم والتأخير و . . . وواضح أنّ هذا المعنى من التحريف أعم من المدّعى ، وهذه النكتة ستأتي إن شاء الله بتفصيل أكثر مع ذكر القرائن والشواهد .