وحاصل القول : إنّ " ابن بابويه " هو ممّن يقولون بصيانة القرآن عن التّحريف ، وليس هناك محل للشك والشبهة فيه ، وإذا كان " المحدّث الجزائري " قد ذكر بعنوان الاحتمال أنّ القول بعدم التّحريف تقية من علماء الشيعة فهذا توهّم منه ناشئ من مشربه الأخباري ليس إلاّ ، كما بينّا لك سابقاً .
الطوسي وانكاره للتحريف :
بعد أن أورد الدكتور القفاري نصّ كلام الشيخ الطوسي وهو واضح بشكل لا يقبل الشك ، وقف حائراً لا يدري ماذا يقول أمام المنطق الاستدلالي القوي والمتين للشيخ في مسألة صيانة القرآن من التّحريف ، ولذا نراه بعد نقله قول الشيخ يسأل نفسه :
" هذا كلام شيخهم الطوسي صاحب كتابين من كتبهم المعتمدة في الحديث عندهم وكتابين من كتبهم المعتمدة في الرجال فهل هذا الإنكار تقيّة . . . ؟ " [1] .
ثم يخرج بالبحث عن موضوعه الأصلي ويتكلم عن امارات التقية دون إقامة دليل عليها أو إمكان تطبيقها على رأي الشيخ الطوسي ، ثمّ لم يلتفت إلى أنّ لازم كلامه هو أمر لا يقبله هو ولا من سار على خطّه لأنه قال :
" إنّ التقية من اماراتها التناقض والاختلاف في الرّوايات والآراء ، وقضية الاختلاف هي ظاهرة لكل دين ليس من شرع الله ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) " [2] .