" لا تقية فيما يرجع بفساد في بيضة الإسلام وهدم لحصن الإسلام ولا في عظائم الاُمور الدينيّة . . . وكذلك لا تقية في الدماء المحقونة . . . إنّما التقية فيما الخطب فيه سهل من الأعمال والأقوال لمن خاف على نفسه أو على أهله وأصحابه " [1] .
ورغم اختلاف آراء العلماء في حدّ التقية وحدودها ، ولكن القدر المتيقّن المتّفق عليه هو أن التقية تشرع في الحالات التي يعتقد فيها الإنسان اعتقاداً حقاً في الواقع ولكنه باطل بنظر المخالف ، ويعاقب عليه ، فعلى الإنسان أن يدفع الخطر والخوف عن نفسه ويتّقي المقابل ، هذا هو القدر المتيقن من التقيّة ، وبدونه تصبح التقية لغواً وموضوعها منتفياً .
وعلى هذا فإذا كان المنكرون لتحريف القرآن من الشيعة يقولون بذلك تقيّة يعني أنهم في باطنهم يعتقدون بوجود التّحريف في القرآن الكريم ، ولكنهم يظهرون خلاف ما بدا لهم ، أليس لهم مدرك يعتمدون عليه في معتقدهم هذا ؟ والمستمسك الوحيد للاعتقاد بتحريف القرآن هو الرّوايات قطعاً ليس إلاّ . وإذا كان لهم دليل آخر فمنشأه أيضاً هو الرّوايات كما رأيتم في مبحث " دراسة روايات التحريف في مصادر الشيعة وأهل السنة " فنقول متسائلين :
ألا توجد مثل هذه الرّوايات في كتب أهل السنة ( والتي يجب حملها على التقية في فرضنا ) ؟
أليست رواياتهم من حيث مصادر وقوة سندها أقوى من روايات الشيعة ؟
أليست المصادر التي تذكر هذا النوع من الرّوايات من الكتب المعتبرة ؟
أوَ لم يعتمد القائلون بالتحريف من علماء الشيعة أمثال " المحدث النوري "