لكن إعجاز القرآن ينفي وجود مثل هذا الاختلاط ، وخاصة في حياة النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلى مرأىً منه ، إذ إنّ النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم سيمنع من وقوع أي اختلاط ، ومع جواز هذا الاحتمال الباطل فان الخوف من الاختلاط إنّما يتأتّى في أوائل البعثة يعني الزمان الذي لم يدوّن فيه القرآن كما ذهب إليه كثير من أهل السنة قديماً [1] وحديثاً [2] ، فهناك يكون خوف الاختلاط أمراً وارداً ، لكن الاشكال حينئذ يصبح أشدّ صعوبة حيث ان الراويين للحديث اثنان فقط أحدهما : " أبو سعيد الخدري " [3] والآخر " أبو هريرة " [4] . فأمّا أبو سعيد فكان عُمره يوم اُحُد ثلاث عشرة سنة ، وأبو هريرة دخل الإسلام في السنة السابعة من الهجرة في المدينة ، فكيف يتسنّى لهما نقل رواية كهذه في أوائل البعثة .
نعم ، إنّ مسألة منع كتابة الحديث في زمن الخلفاء لها جذور تمتد إلى عصر الرسالة ، حيث انّ صدى الرسالة لم يصل إلى أعماق نفوسهم ، فجوّزوا لأنفسهم الاجتهاد في مقابل النص ، وإليك ما ذكر " عبد الله بن عمرو بن العاص " شاهداً على ما ذكرناه ، فقال :
" كنت أكتب كلّ شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، يريد حفظه ، فنهتني قريش فقالوا : إنّك تكتب كلّ شيء تسمعه من رسول