هل نسخ التلاوة واقع أم خيال ؟
نأتي هنا إلى بحث الجانب التطبيقي لنظرية " نسخ التلاوة " ، يعني أننا لو فرضنا أن هذه الأنواع الثلاثة من النسخ ممكنة ثبوتاً ، وأيضاً على فرض أن هاتين الآيتين ( ما ننسخ من آية أو ننسها . . . ) و ( وإذا بدلنا آية مكان آية ) ناظرتان إلى نسخ التلاوة ، مع هذه الفرضيات نقول : إنّ هذه الرّوايات التي تتحدث عن نقصان القرآن هل يمكن أن يشملها نسخ التلاوة أم أنها في مقام التطبيق تواجه اشكالات كثيرة جداً ؟ وهنا لسنا بحاجة إلى أدلة علماء الإمامية ، في ردّهم على تلك النظرية ، بل يكفي الاعتماد على أدلّة جماعة من متقدمي أهل السنّة ومتأخريهم في ردّهم لتلك النظرية - نسخ التلاوة - في مقام التطبيق .
وأدلتهم تلك تنقسم إلى أقسام ثلاثة :
1 - إنّ هذه الرّوايات أخبار آحاد ومن البديهي أنه لا يمكن اثبات آية قرآنية أو إثبات نسخها اعتماداً على خبر الواحد :
قال الزركشي في مورد آية الرضاع المزعومة :
" حكى القاضي أبو بكر ( ت 403 ) في " الانتصار " عن قوم إنكار هذا الضرب لأنّ الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على انزال القرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجّة فيها " [1] .
وقد ردّ " أبو جعفر النحّاس " ( ت 338 ) منسوخ التلاوة دون الحكم بقوة وأورد في جملة كلامه حديث الرجم عن عمر بن الخطاب وقال :
" واسناده صحيح إلاّ أنه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله جماعة عن الجماعة ولكنّه سنة ثابتة . . . " [2] .