فإنّ أصل وجود الاختلافات الكثيرة والتغييرات غير المحصورة في كلمات القرآن وحروفه وهيئاته من ناحية القراء السبعة أو العشرة حق لا ريب فيه ، كما هو مشهور ، لأن منشأ بعض تلك الاختلافات يعود إلى تقصير أو قصور في أنفسهم ، لا إلى إذن ورضا من نبيهم صلّى الله عليه وآله ، وهذا هو قول المحققين من علماء الفريقين ، فإنهم يقولون : إن تلك القراءات متواترة إلى نفس القراء لا إلى النبىّ صلّى الله عليه وآله ، قال الزركشي :
" . . . التحقيق أن القراءات متواترة عن الأئمة السبعة ، أما تواترها عن النبىّ ففيه نظر ، فإن إسنادهم بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات وهي نقل الواحد عن الواحد لم تكمل شروط التواتر . . . " [1] .
ومثله ابن الجزري في " النشر " [2] وقال أبو شامة في كتابه " المرشد الوجيز " :
" إنا لسنا ممن يلتزم التواتر في جميع الألفاظ المختلف فيها بين القراء . . . " [3] .
وغيرهم كثير [4] .
وعليه فإذا كانت القراءات غير متواترة وإنما تثبت بخبر الواحد وتنقل إلينا عن هذا الطريق ، فهذا يعني أن احتمال القصور أو التقصير من جانب القراء أنفسهم هو احتمال وارد ، لكن الكلام كل الكلام في أنه هل ثمة تلازم ما بين تواتر القراءات وتواتر القرآن أو لا ؟ وبالتالي فهل يستلزم تواتر القرآن تواترها وبالعكس أو لا يستدعي ذلك ؟