الأوّل ، وهو الرجوع لعاقبة الأمر ، فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد ، والتفسير إخبار عن دليل المراد ، لأنّ اللفظ يكشف عن المراد ، والكاشف دليل مثاله قوله تعالى : * ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ ) * « 1 » ، تفسيره أنّه من الرصد ، يقال : رصدته رقبته ، والمرصاد ( مفعال ) منه ، وتأويله التحذير من التهاون بأمر اللَّه والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه وقواطع الأدلَّة تقتضي بيان المراد منه ، على خلاف وضع اللفظ في اللغة » » . وقال الأصبهاني في تفسيره : « اعلم أنّ التفسير في عرف العلماء : كشف معاني القرآن ، وبيان المراد أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره ، وبحسب المعنى الظاهر وغيره ، والتأويل أكثره في الجمل ، والتفسير إمّا أن يستعمل في غريب الألفاظ نحو البحيرة والسائبة والوصيلة ، أو في وجيز يتبين بشرح ، نحو : * ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ ) * « 3 » ، وإمّا لكلام متضمّن لقصة لا يمكن تصويره إلَّا بمعرفتها ، كقوله : * ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ ) * « 4 » ، وقوله : * ( ولَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها ) * « 5 » » « 6 » . وقد عرّفه الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي بقوله : « التفسير : كشف المراد عن اللفظ المشكل » « 7 » . وعرّفه السيّد أبو القاسم الخوئي بقوله : « التفسير هو إيضاح مراد اللَّه تعالى من كتابه العزيز ، فلا يجوز الاعتماد فيه على الظنون والاستحسان ، ولا على شيء لم
( 1 ) سورة الفجر ، الآية : 14 . ( 2 ) الإتقان في علوم القرآن 4 : 167 - 168 . ( 3 ) سورة البقرة ، الآية : 43 و 83 و 110 . ( 4 ) سورة التوبة ، الآية : 37 . ( 5 ) سورة البقرة ، الآية : 189 . ( 6 ) الإتقان في علوم القرآن 4 : 168 . ( 7 ) مجمع البيان : 1 / 39 .