مع أن الأمر ليس كذلك بالتأكيد ؛ وذلك لأن المحدث ، الذي لا بد وأن يكون أميناً في نقله ، ومتثبّتاً فيما يرويه - هذا المحدّث - إنما يهتم بأن يودع كتابه أكبر عدد ممكن من الأحاديث ، ملاحظاً أسانيدها . . من دون أن يهتم بمناقشة مضمونها ؛ موكلاً أمر ذلك إلى العلماء ، والباحثين ، وأهل الاختصاص . في حين أنه هو نفسه ، قد لا يكون ممن يملك أياً من القدرات ، التي تؤهله ، لأن يعطي رأيه فيما ينقله ، ويرويه . .
وإلا . . فلو صح نسبة الاعتقاد بما يرويه الرواة إليهم ، للزم أن يكون هؤلاء ، وغيرهم من المؤلفين ، ونقلة الآثار ، يؤمنون بالمتعارضات ، والمتناقضات ، وحتى بما يخالف مذاهبهم ومعتقداتهم ، ما داموا يروون ذلك كله في كتبهم الحديثية ! ! .
وهذا . . ما لم يقل به ، ولا ادعاه عليهم ذو مسكة ، ولا رجل منصف . .
التعصّب والافتراء :
ولكن . . مع ذلك ؛ فإنك ما عشت أراك الدهر عجباً ؛ فها نحن نجد : أن بعض من ينسب نفسه إلى العلم والعلماء ، وما هو في الحقيقة إلا من أهل الأهواء الرخيصة ، والتعصّب المقيت ، والأعمى - نجده يرتكب هذه المفارقة بالذات ؛ فيدعي [1] : أن القول بأن القرآن مبدل ، زيد فيه ، ما ليس منه ، ونقص منه كثير ، وبدل منه كثير ، هو قول الإمامية ، قديماً وحديثاً ، ما عدا الشريف المرتضى ، وصاحباه : أبو يعلى ميلاد الطوسي ، وأبو القاسم الرازي . .
أما ابن قاسم فيقول : إنّ فرقة الرافضة متفقون على تكفير الصحابة ، ويدعون : أن القرآن قد غيّر عمّا كان ، ويقع فيه الزيادة والنقصان ، من قبل .