وعن الحارث المحاسبي ، في كتاب : ( ( فهم السنن ) ) :
( ( كتابة القرآن ليست بمحدثة ؛ فإنه ( ص ) كان يأمر بكتابته . ولكنه كان مفرقاً في الرقاع ، والأكتاف ، والعسب ؛ فإنما أمر الصدّيق بنسخها من مكان إلى مكان ، مجتمعاً . وكان ذلك بمنزلة أوراق ، وجدت في بيت رسول الله ( ص ) ، فيها القرآن منتشراً ؛ فجمعها جامع ، وربطها بخيط ، حتى لا يضيع منها شئ إلخ . . ) ) [1] .
ولعل المحاسبي قد أخذ ذلك من حديث الزهري ، الذي يقول :
( ( قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والقرآن في العسب ، والقضم ، والكرانيف ) ) [2] .
ومهما يكن من أمر ؛ فإننا نقول : إن ذلك مما لا يمكن لنا أن نتعقله ، ولا أن نقبله ، وذلك :
أولاً : لأن ما قاله الزركشي ، من أن الجمع والتأليف ، كان في عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثم جمع في المصحف في عهد أبي بكر ، إن كان يريد به :
أن التأليف كان أولاً في القلوب ، كما يدل عليه قوله : ( ( وحفظه الله في القلوب ، إلى انقضاء زمن النسخ ) ) [3] .
فهو مما لم يعهد في استعمالات العرب ، أن يقولوا : جمعنا القرآن ، وألفناه في قلوبنا .
وإن كان يريد : أنه كان متفرقاً في العسب واللخاف ، والأكتاف ، كما يقوله الحارث المحاسبي ، لكنه غير مؤلف ، ولا مجموع ، ثم جمع في عهد أبي بكر . .